التوحيد نهائي (PDF)




File information


Author: Ajeez

This PDF 1.5 document has been generated by Microsoft® Word 2013, and has been sent on pdf-archive.com on 26/04/2017 at 00:56, from IP address 156.194.x.x. The current document download page has been viewed 350 times.
File size: 761.71 KB (22 pages).
Privacy: public file
















File preview


‫﴿َل إِ َٰلاها إِاَل ا‬
‫اَّللُ﴾‬
‫شهادة التوحيد‪ :‬ا‬
‫العلم بال إله إَل هللا‪:‬‬
‫اإلله هو املعبود‪ ،‬والعبادة هي اخلضوع التام‪ ،‬واالنقياد املطلق‪ ،‬والتذلل حباً وخوفاً‪ ،‬ومن أشكال اخلضوع واالنقياد والتذلل السجود‬

‫والركوع ومجيع الشعائر بوجه عام‪ ،‬فالعبادة هي كلمة شاملة لكل ما يتقرب به العبد إلهله املعبود‪ ،‬وال تصلح هذه العبادة ألحد إال هللا‬
‫ِِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫‪ ،‬يقول ‪﴿ :‬قل إِ َّن َ ِ‬
‫ي﴾‪ ،‬فالصالة والنسك من العبادة‪ ،‬وأيضاً الدعاء واالستغاثة‬
‫ب الْ َعالَم َ‬
‫اي َوَمََ ِاِت هلِل َر ِه‬
‫صالَِت َونسكي َوََْميَ َ‬
‫ْ‬
‫فيما ال يقدر عليه إال هللا من العبادة‪ ،‬فمن دعا غري هللا فهو عابد لغري هللا‪.‬‬
‫عن النعمان بن بشري‪ ،‬قال‪ :‬مسعت النيب ‪ ‬يقول‪﴿ :‬الدعاء هو العبادة﴾ رواه أمحد والرتمذي والنسائي وابن ماجة‪ ،‬ويقول هللا ‪:‬‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ال ربُّكم ادع ِوِن ِ‬
‫ون َِّ‬
‫ِ‬
‫اخ ِرين﴾‪﴿ ،‬إِ َّن الَّ ِذين تَ ْدعو َن ِمن د ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫اد‬
‫الِل ِعبَ ٌ‬
‫﴿ َوقَ َ َ ْ ْ‬
‫ْ‬
‫أستَج ْ‬
‫َ‬
‫ين يَ ْستَكِْبو َن َع ْن عبَ َادِت َسيَ ْدخلو َن َج َهن ََّم َد َ‬
‫ب لَك ْم إ َّن الذ َ‬
‫ِ‬
‫َّ ِ‬
‫ِ ِِ‬
‫ف الضهِ‬
‫ُّر َعنك ْم َوَال ََْت ِو ًيال﴾‪ ،‬فاملشركي كانوا يدعون هللا وحده إاا‬
‫ين َز َع ْمتم همن دونه فَ َال َيَْلكو َن َك ْش َ‬
‫أ َْمثَالك ْم﴾‪﴿ ،‬ق ِل ْادعوا الذ َ‬
‫ض َّل َم ْن تَ ْدعو َن إَِّال‬
‫اصابتهم مصيبة‪ ،‬مث يدعون غري هللا يف غري موضع بعدما ينجيهم هللا كما اكر ‪َ ﴿ :‬وإِ َاا َم َّسكم الضُُّّر ِيف الْبَ ْح ِر َ‬
‫ِ‬
‫ضتم وَكا َن ِْ‬
‫ِ ِ‬
‫ص ِهل‬
‫اإلنْ َسان َكفوراً﴾‪ ،‬والذبح والنذر عبادة كالصالة جيب إفرادها هلل ‪ ،‬يقول هللا ‪﴿:‬فَ َ‬
‫إ ََّّيه فَلَ َّما ََنَّاك ْم إ ََل الَْهِب أ َْعَر ْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الس ِميع الْ َعلِيم﴾‪ ،‬ومن أشكال‬
‫َنت َّ‬
‫ك َما ِيف بَطِِْن َمََّرًرا فَتَ َقبَّ ْل ِم ِهِن ۖ إِن َ‬
‫ب إِِهِن نَ َذ ْرت لَ َ‬
‫لَربِه َ‬
‫َّك أ َ‬
‫ك َو ْاْنَْر﴾‪﴿ ،‬إِ ْا قَالَت ْامَرأَت ع ْمَرا َن َر ِه‬
‫العبادة هلل إتباع شرعه والتحاكم إليه‪ ،‬فاهلل ‪ ‬هو املشرع وهو احلكم‪ ،‬يقول ‪﴿ :‬أَم َهلم شرَكاء شرعوا َهلم ِمن هِ‬
‫الدي ِن َما ََلْ ََيْ َا ْن بِِه‬
‫ْ ْ َ ََ ْ َ‬
‫ه‬
‫شرع أو فرض تشريعاً وحكماً غري حكم هللا ‪ ‬فقد نسب إَل نفسه صف ًة من صفات األلوهية‪ ،‬فمجرد الطاعة‬
‫َّ‬
‫الِل﴾‪ ،‬فكل من َّ‬
‫واتباع غري هللا ‪ ‬يف احلكم والتشريع يعتِب شركاً‪ ،‬يقول هللا ‪ ‬عن النصارى الذين اتبعوا أحبارهم ورهباهنم يف احلكم والتشريع‪:‬‬
‫ِ ِ ِ‬
‫الِل والْم ِسيح ابن مرََي وما أ ِمروا إَِّال لِي عبدوا إِ هَهلا و ِ‬
‫اح ًدا﴾‪ ،‬فالنصارى َل يكونوا يسجدون‬
‫َْ‬
‫﴿ َّاَّتَذوا أ ْ‬
‫َحبَ َاره ْم َورْهبَانَه ْم أ َْرََب ًَب همن دون َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ًَ‬
‫ألحبارهم ورهباهنم‪ ،‬ولكن كانوا َيخذون االحكام والتشريع من هؤالء األحبار والرهبان بدون الرجوع للدين‪.‬‬
‫فال جيوز ألحد أن ُيرم أو ُيلل شيء إال هللا ‪ ،‬فكيف للبشر أن ُي هكموا أنفسهم من دون هللا الذي خلقهم‪ ،‬وحكم هللا أنزله هلم‬
‫الس َم ِاء إِهلَهٌ َوِيف ْاأل َْر ِ‬
‫احلَ ِكيم الْ َعلِيم﴾‪.‬‬
‫ض إِهلَهٌ َوه َو ْ‬
‫َبلقرآن والسنة النبوية! ﴿ َوه َو الَّ ِذي ِيف َّ‬
‫والبد أن يعلم املرء أن هللا ‪ ‬خلق اإلنسان للعبادة فقط‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬وما خلَ ْقت ِْ‬
‫اإلنْس إَِّال لِي عبد ِ‬
‫ون﴾‪ ،‬وال تصلح هذه‬
‫اْل َّن َو ِْ َ َ ْ‬
‫ََ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫اآلخرةِ ِمن ْ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ين﴾‪.‬‬
‫اخلَاس ِر َ‬
‫العبادة إال َبإلسالم‪ ،‬يقول هللا ‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَْب تَ ِغ َغْي َر اإل ْسالم دينًا فَلَ ْن ي ْقبَ َل مْنه َوه َو يف َ َ‬
‫َسلَ َم‪.‬‬
‫وأصل كلمة اإلسالم‪ :‬أ ْ‬
‫ِِ‬
‫يقول هللا ‪﴿ :‬أَفَغي ر ِدي ِن َِّ‬
‫السمو ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ات َواأل َْر ِ‬
‫ند َربِهِه‬
‫َجره ِع َ‬
‫َسلَ َم َو ْج َهه َّلِل َوه َو َْمس ٌن فَلَه أ ْ‬
‫ض﴾‪﴿ ،‬بَلَ هى َم ْن أ ْ‬
‫الِل يَْب غو َن َولَه أ ْ‬
‫َسلَ َم َم ْن يف َّ َ َ‬
‫َْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ي﴾‪ ،‬ومعىن أسلم‪ :‬استسلم وانقاد وخضع‪.‬‬
‫َسلِ ْم ۖ قَ َ‬
‫ف َعلَْي ِه ْم َوَال ه ْم َُْيَزنو َن﴾‪﴿ ،‬إِ ْا قَ َ‬
‫َوَال َخ ْو ٌ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬
‫َسلَ ْمت لَر ِه‬
‫ال أ ْ‬
‫ال لَه َربُّه أ ْ‬
‫فالعرب قدَياً كانوا أهل لغة‪ ،‬فيعلمون معىن اإلسالم‪ ،‬وكانوا يعلمون ما سيرتتب على قوهلم ال إله إال هللا إَياان هبا واعتقادا‪ ،‬فشهادة‬
‫التوحيد هي ركن اإلسالم األول‪.‬‬
‫وشهادة التوحيد عبارة عن شطرين‪ ،‬الشطر األول {ال إله} هو النفي املطلق لكل معبود‪ ،‬والشطر الثاِن االستثناء {إال هللا} ‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫فهنا نرى الشرط األول من شهادة التوحيد ‪-‬أي ال إله‪ -‬يستلزم الِباءة من كل معبود غري هللا ‪ ،‬واعتقاد بطالن عبادته‪ ،‬كما قال‬
‫ال ََّي قَ ْوِم إِِهِن بَِريءٌ ِهَمَّا ت ْش ِركو َن﴾‪.‬‬
‫إبراهيم ‪ ‬لقومه‪﴿ :‬قَ َ‬

‫وَبلطبع بطالن العبادة البد هلا من اعتقاد بطالن دين كل عابد هلا‪ ،‬الن املعبود الباطل أو اإلله الباطل ال َيخذ هذه الصفة إال إاا‬
‫كان له عبيد يعبدونه‪َ ،‬بلتايل البد من الِباءة من كل من يعبد غري هللا ‪ ‬واإلَيان أبن عبادته َبطلة‪ ،‬والبد أن يعتقد أن هذه العبادة‬
‫ستهلكه والعياا َبهلل وجتعل مصريه النار‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬إِنَّه من ي ْش ِرْك َِب َِّ‬
‫اْلَنَّةَ َوَمأْ َواه النَّار﴾‪.‬‬
‫الِل َعلَْي ِه ْ‬
‫لِل فَ َق ْد َحَّرَم َّ‬
‫َ‬
‫والبد أن يعي املرء أن نفي أي إله دون هللا‪ ،‬والِباءة والكفر بكل عبادة لغري هللا‪ ،‬هي يف األساس براءة من أهل الكفر والشرك الذين‬
‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫ين َم َعه إِ ْا قَالوا لَِق ْوِم ِه ْم إِ َّان ب َرآء ِمْنك ْم َوَِمَّا تَ ْعبدو َن ِم ْن‬
‫جلعوا هلل شريك‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬قَ ْد َكانَ ْ‬
‫ت لَك ْم أ ْس َوةٌ َح َسنَةٌ يف إبْ َراه َيم َوالذ َ‬
‫الِلِ َك َفرَان بِكم وب َدا ب ي ن نا وب ي نكم الْع َداوة والْب ْغضاء أَب ًدا ح ََّ ت ؤِمنوا َِب َِّ‬
‫د ِ‬
‫لِل َو ْح َده﴾‪ ،‬فمثالً عيسى ‪ ‬ما هو إال رسول‪ ،‬ولكن‬
‫ون َّ ْ ْ َ َ َْ َ َ َ َْ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ‬
‫الِل ََّي‬
‫﴿وإِ ْا قَ َ‬
‫ال َّ‬
‫النصارى هم من عبدوه‪ ،‬وأشركوا َبهلل‪ ،‬وجعلوا عيسى إله‪ ،‬وعيسى ‪ ‬برئ منهم ومن هذه العبادة‪ ،‬يقول هللا ‪َ :‬‬
‫ون َِّ‬
‫َّاس َِّ‬
‫ِ‬
‫ي ِمن د ِ‬
‫اَّتذ ِوِن وأ ِهمي إِ هَهلَْ ِ‬
‫ت لِلن ِ‬
‫س ِيل ِِبَ ٍّهق﴾‪ ،‬خبالف‬
‫ك َما يَكون ِيل أَ ْن أَق َ‬
‫الِل قَ َ‬
‫ال سْب َحانَ َ‬
‫َنت ق ْل َ‬
‫يسى ابْ َن َم ْرَََي أَأ َ‬
‫ع َ‬
‫ول َما لَْي َ‬
‫َ َ‬
‫فرعون لعنه هللا فذكر هللا ‪ ‬أنه كان يقول‪﴿ :‬أ ََان َربُّكم ْاأل َْعلَ هى﴾‪ ،‬ففي احلالة األوَل الِباءة تكون من النصارى‪ ،‬ومن عبادهتم الباطلة‪،‬‬
‫ِ‬
‫عبادته‪ ،‬ومن كل عابد له‪ ،‬ومن كل من‬
‫ومن كل من دعاهم إَل هذه العبادة‪ ،‬أما يف احلالة الثانية فالِباءة تكون من فرعون‪ ،‬ومن‬
‫دعاهم إَل هذه العبادة‪.‬‬
‫وَبملثل الصنم ما هو إال حجر‪ ،‬وهذا احلجر خملوق من خملوقات هللا ‪ ،‬ولكن املشركي جعلوا من هذا احلجر إله يعبدونه‪ ،‬يقول هللا‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫‪﴿ :‬وإِ ْا قَ َ ِ ِ ِ‬
‫ض َال ٍّل ُّمبِ ٍّ‬
‫ي﴾‪ ،‬فالبد للمسلم أن يكفر هبذه العبادة‬
‫َصنَ ًاما آهلًَة ۖ إِِهِن أ ََر َاك َوقَ ْوَم َ‬
‫ك ِيف َ‬
‫ال إِبْ َراهيم ألَبِيه َآزَر أَتَتَّخذ أ ْ‬
‫َ‬
‫الباطلة‪ ،‬ومن كل عابد هلذا احلجر‪ ،‬ومن كل من يدعوهنم إَل هذه العبادة الباطلة‪ ،‬فال إسالم للمرء إال أن يعلم ويعمل بقول ال إله إال‬
‫هللا‪ ،‬أي نفي كل عبادة لغري هللا وإثباهتا هلل وحده‪.‬‬
‫فمن شك يف كفر كل من يعبد غري هللا فهو مل حيقق شهادة التوحيد‪ ،‬ألنه َل يؤمن أبن العبادة لغري هللا َبطلة‪ ،‬واإلَيان اعتقاد‬

‫َبلقلب وقول َبللسان وعمل َبْلوارح‪ ،‬فإن فسد االعتقاد فقد فسد القول والعمل‪ ،‬حَ لو مأل األرض َبألعمال الصاحلة‪ ،‬وحَ لو‬
‫اعتقد أنه اخلص يف عبادته اليت هي انبعة من معتقده الفاسد‪ ،‬فالبد من إصالح االعتقاد حَ يَقبل هللا صاحل القول والعمل‪ ،‬يقول‬
‫ِ ِ‬
‫هللا ‪ ‬عن هؤالء‪ِ ِ :‬‬
‫ورا﴾‪ ،‬فالبد من اإلَيان َبهلل حَ يقبل هللا األعمال الصاحلة‪،‬‬
‫﴿وقَد ْمنَا إ َ هَل َما َعملوا م ْن َع َم ٍّل فَ َج َع ْلنَاه َهبَاءً َّمنث ً‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫صاحلًا م ْن اَ َك ٍّر أ َْو أنْثَى َوه َو م ْؤم ٌن‬
‫كما قال هللا ‪َ ﴿ :‬ولَ ْو أَ ْشَركوا َحلَبِ َ‬
‫ط َعْن هم َّما َكانوا يَ ْع َملو َن﴾‪ ،‬ويقول هللا ‪َ ﴿ :‬م ْن َعم َل َ‬
‫َح َس ِن َما َكانوا يَ ْع َملو َن﴾‪.‬‬
‫َجَره ْم ِأب ْ‬
‫فَلَن ْحيِيَ نَّه َحيَا ًة طَيِهبَةً َولَنَ ْج ِزيَنَّه ْم أ ْ‬
‫والشهادة يف اللغة العربية تعىن اإلقرار مع العلم‪ ،‬قال هللا ‪﴿ :‬إَِّال َم ْن َش ِه َد َِب ْحلَ ِهق َوه ْم يَ ْعلَمو َن﴾‪.‬‬
‫[تفسري الطِبي] وشهادته َبحلق‪ :‬هو إقراره بتوحيد هللا‪ .‬يعِن بذلك‪ :‬إال من آمن َبهلل‪ ،‬وهم يعلمون حقيقة توحيده‪ ..‬انتهى‪.‬‬
‫الِل﴾‪.‬‬
‫اعلَ ْم أَنَّه َال إِهلَ َه إَِّال َّ‬
‫ويقول هللا ‪﴿ :‬فَ ْ‬

‫[تفسري الطِبي] يقول تعاَل اكره لنبيه َممد ‪ :‬فاعلم َّي َممد أنه ال معبود تنبغي أو تصلح له األلوهة‪ ،‬وجيوز لك وللخلق عبادته‪،‬‬
‫إال هللا الذي هو خالق اخللق‪ ،‬ومالك كل شيء‪ ،‬يدين له َبلربوبية كل ما دونه‪ ..‬انتهى‪.‬‬
‫لذلك ال تنفع الشهادة بدون علم فضالً عن اليقي بل تكون شهادة َبطلة‪ ،‬فكيف يشهد أحد أبمر ال يعلمه!‬
‫فالبد من إيتاء الشهادة حقها‪َ ،‬بلعلم والعمل هبا‪ ،‬عن عثمان ‪ ‬مرفوعاً‪﴿ :‬من مات وهو يعلم أن ال إله إال هللا دخل اْلنة﴾ رواه‬
‫‪2‬‬

‫مسلم‪ ،‬وعن أنس عن النيب ‪ ‬قال‪﴿ :‬أمرت أن أقاتل الناس حَ يشهدوا أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن َممدا عبده ورسوله‪ ،‬فإاا شهدوا أن‬
‫ال إله إال هللا‪ ،‬وأن َممدا رسول هللا‪ ،‬وصلوا صالتنا‪ ،‬واستقبلوا قبلتنا‪ ،‬وأكلوا ابيحتنا‪ ،‬فقد حرمت علينا دماؤهم وأمواهلم إَل حبقها﴾‬
‫رواه البخاري‪ ،‬فمن نطق الشهادة غري عاملاً وعامالً هبا‪ ،‬أو ليس على يقي منها‪ ،‬فهو َل َيِت حبقها‪ ،‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬

‫رسول هللا ‪﴿ :‬أشهد أن ال إله إال هللا وأِن رسول هللا‪ ،‬وال يلقى هللا هبما عبد غري شاك فيهما إال دخل اْلنة﴾‪ ،‬ويف رواية ﴿ال يلقى‬
‫هللا هبما عبد غري شاك فيهما فيحجب عن اْلنة﴾ روامها مسلم‪ ،‬وعن أيب هريرة ‪ ‬من حديث طويل أن النيب ‪ ‬بعثه بنعليه فقال‪:‬‬
‫﴿من لقيت من وراء هذا احلائط يشهد أن ال إله إال هللا مستيقنا هبا قلبه فبشره َبْلنة﴾ رواه مسلم‪ ،‬وعن معاا بن جبل ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول هللا ‪﴿ :‬ما من أحد يشهد أن ال إله إال هللا وأن َممدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إال حرمه هللا على النار﴾ رواه البخاري‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫فاإلَيان اعتقاد وقول وعمل كما اكران سابقاً‪ ،‬فاالعتقاد يعلمه هللا ‪ ‬وَمله القلب ويلزمه اليقي والصدق واإلخالص يف توحيد هللا‬
‫‪ ،‬أما القول والعمل بال إله إال هللا فذلك من األعمال الظاهرة اليت متيز املسلم عن الكافر‪ ،‬فمن أمت القول والعمل بشهادة‬
‫التوحيد فهو مسلم‪ ،‬أما من جهل شهادة التوحيد فهو مل يدخل اإلسالم بعد‪.‬‬

‫التسليم هلل‪:‬‬

‫عندما بعث هللا ‪ ‬الرسول ‪ ‬ظل ينزل عليه القرآن املكي ثالثة عشر عام‪ُ ،‬يدثه فيه عن قضية واحدة‪ ،‬أال وهي قضية التوحيد‪.‬‬
‫ظل هللا ‪ ‬خياطب البشرية كلها ثالثة عشر عام يف التوحيد فقط!‬
‫نعم‪ ...،‬أنه التوحيد الذي خلق اإلنسان ألجله‪ ،‬ظل هللا ‪ ‬خياطب البشرية يف إثبات وحدنيته َبألدلة العقلية‪ ،‬وظل خياطب البشرية‬
‫يف عقاب الشرك وثواب التوحيد ثالثة عشر عام‪.‬‬
‫ظل يعرض قصص املشركي واملوحدين الذين خلوا من قبل‪ ،‬لنأخذ من هذه القصص العِب‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬لََق ْد َكا َن ِيف قَص ِ‬
‫ص ِه ْم‬
‫َ‬
‫اب ما َكا َن ح ِديثا ي ْفت رى ولَ ِكن تَص ِد ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬
‫يل ك ِهل َش ْي ٍّء َوه ًدى َوَر ْمحَةً لَِق ْوٍّم ي ْؤِمنو َن﴾‪ ،‬وأخِبان هللا‬
‫يق الَّذي بَ ْ َ‬
‫َ ً ََ َ ْ ْ َ‬
‫عْب َرةٌ أل ِويل األَلْبَ َ‬
‫ي يَ َديْه َوتَ ْفص َ‬
‫ِِ‬
‫ي‬
‫﴿و َع َد َّ‬
‫الِل الْمنَافق َ‬
‫‪ ‬أبنه خلق النار‪ ،‬وأبن املشرك التارك للتوحيد خملد فيها لريهب اإلنسان من عقاب الشرك‪ ،‬يقول هللا ‪َ :‬‬
‫الِل ۖ وَهلم ع َذ ِ‬
‫ات والْكفَّار انر جهنَّم خالِ ِد ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫يم﴾‪ ،‬وأخِبان أيضاً أبنه خلق اْلنة‪ ،‬وأن املوحد‬
‫ين ف َيها ه َي َح ْسب ه ْم َولَ َعنَ هم َّ َ ْ َ ٌ‬
‫اب ُّمق ٌ‬
‫َوالْمنَاف َق َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ِِ‬
‫ٍّ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫خملد فيها لريغب اإلنسان يف ثواب التوحيد‪ ،‬يقول ‪﴿ :‬وع َد َّ ِ ِ‬
‫ين فِ َيها‬
‫ََ‬
‫الِل الْم ْؤمن َ‬
‫ي َوالْم ْؤمنَات َجنَّات َْجت ِري م ْن ََْتت َها ْاألَنْ َهار َخالد َ‬
‫ِ‬
‫ضوا ٌن ِمن َِّ‬
‫ِ ٍّ ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ك ه َو الْ َف ْوز الْ َع ِظيم﴾‪.‬‬
‫الِل أَ ْكبَ ر هاَل َ‬
‫َوَم َساك َن طَيهبَةً يف َجنَّات َع ْدن َور ْ َ َ‬
‫﴿َل إِ َٰلاها إِاَل ا‬
‫اَّللُ﴾!‬
‫ظل إله هذا الكون خياطب البشرية ثالثة عشر عام يف هذه اْلملة فقط ا‬
‫أن قضية التوحيد هي قضية الوجود اإلنساِن يف الكون‪ ،‬فكيف يظن املرء أنه سيصبح موحداً مبجرد التلفظ بال إله إال هللا بدون اعتقاد‬
‫وعمل!‬
‫وبعد أن انقضت الثالثة عشر عام األوَل وأسلم من أسلم من البشر‪ ،‬ظل هللا ‪ ‬ينزل القرآن املدِن عشرة أعوام‪ ،‬خيِب فيه املسلمي‬
‫َبلشعائر اإلسالمية ليقمها املسلم‪ ،‬وَبحلرمات ليحرمها املسلم على نفسه‪ ،‬وَبحلالل ليحله املسلم على نفسه‪ ،‬وَبلقواني احلاكمة‬
‫ليَحكم وُيكم هبا املسلم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫بعد أن انقضت الثالثة عشر عام األوَل من الرسالة أنزل هللا ‪ ‬شرائع وأحكام اإلسالم‪ ...،‬بعد ما دخل املسلمون يف دين هللا علموا‬
‫الشرائع‪.‬‬
‫َل يكن يعلموا هبذه الشرائع قبل دخوهلم اإلسالم‪َ ،‬ل يكن يعلموا أهنم ستفرض عليهم مخس صلوات‪ ،‬وَل يكن يعلموا أن هللا سيفرض‬
‫الصيام‪ ،‬أو الزكاة‪ ،‬وَل يكن يعلموا أن هللا ‪ ‬سيفرض احلجاب على املرأة‪ ،‬وَل يكن يعلموا أبن اخلمر ستحرم‪ ،‬وبرغم كل هذا‪َ :‬ل يكن‬
‫هلم خيار إال أن يقولوا مسعاً وطاعة‪ ،‬حَ لو أنزل هللا ‪ ‬عليهم أمر أبن يقتلوا أنفسهم كما أمر هللا ‪ ‬بِن إسرائيل بذلك من قبل‪،‬‬
‫وس هى لَِق ْوِم ِه ََّي قَ ْوِم إِنَّك ْم ظَلَ ْمت ْم أَنف َسكم َِبِهَّتَ ِااكم الْعِ ْج َل فَتوبوا إِ َ هَل ََب ِرئِك ْم فَاقْ ت لوا أَنف َسك ْم هَالِك ْم َخْي ٌر‬
‫﴿وإِ ْا قَ َ‬
‫ال م َ‬
‫يقول هللا ‪َ :‬‬
‫لَّكم ِع َ ِ‬
‫الرِحيم﴾‪.‬‬
‫اب َعلَْيك ْم إِنَّه ه َو الت ََّّواب َّ‬
‫ند ََب ِرئك ْم فَتَ َ‬
‫ْ‬
‫كانت دعوة اإلسالم يف األساس هي دعوة لإلَيان َبهلل وتوحيده وإفراده َبلعبودية‪ ،‬ومن مث بعد أن يؤمن اإلنسان َبهلل‪ ،‬ويتيقن أبن هللا‬
‫﴿وَما َكا َن‬
‫هو رب الكون فيسلم املسلم نفسه تلقائياً هلل‪ ،‬أي يستلم وخيضع وينقاد لكل ما ينزله هللا ‪ ‬بدون أن خيري‪ ،‬يقول هللا ‪َ :‬‬
‫ِ ٍّ‬
‫ِ ِ‬
‫اخلِيَ َرة ِم ْن أ َْم ِرِه ْم﴾‪.‬‬
‫الِل َوَرسوله أ َْمًرا أَ ْن يَكو َن َهلم ْ‬
‫ضى َّ‬
‫لم ْؤم ٍّن َوَال م ْؤمنَة إِ َاا قَ َ‬
‫هكذا كانت الدعوة هلل كانت دعوة للتسليم التام هلل أوالً‪ ،‬ومن مث تعليم املسلم ما يتوجب عليه فعالً ليخلص العبادة هلل‪ ،‬عن ابن‬
‫عباس ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬قال‪ :‬ملا بعث النيب ‪ ‬معاا بن جبل إَل ْنو أهل اليمن قال له‪﴿ :‬إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب‪،‬‬

‫فليكن أول ما تدعوهم إىل أن يوحدوا هللا تعاىل‪ ،‬فإاا عرفوا الك فأخربهم أن هللا فرض عليهم مخس صلوات يف يومهم وليلتهم‪ ،‬فإاا‬
‫أقروا بذلك فخذ منهم‪ ،‬وتوق كرائم أموال‬
‫صلوا فأخربهم أن هللا افرتض عليهم زكاة يف أمواهلم تؤخذ من غنيهم فرتد على فقريهم‪ ،‬فإاا ه‬

‫الناس﴾ رواه البخاري‪.‬‬
‫نرى يف حديث رسول هللا ‪ ‬أنه َل يقل ملعاا بن جبل ‪ :‬أدعوا أهل اليمن للصالة أو الزكاة‪ ،‬إمنا قال أخِبهم‪.‬‬

‫ومبا أن هللا ‪ ‬هو اإلله الواحد املتصرف يف كل شيء فله وحده حق التشريع‪ ،‬فاهلل وحده له احلق أن ُيرم ما يشاء‪ ،‬وُيلل ما يشاء‪،‬‬
‫ويضع القواني احلاكمة لعباده ليختِبهم‪ ،‬وألنه خالق البشر والكون فهو أعلم مبا يصلح هلم دينهم ودنياهم‪ ،‬قال هللا ‪﴿ :‬أََال يَ ْعلَم‬
‫اخلَبِري﴾‪ ،‬ومن يضع قواني خمالفة لشرع هللا فقد جعل لنفسه دين غري دين هللا‪ ،‬وجعل من نفسه إله من دون‬
‫َم ْن َخلَ َق َوه َو اللَّ ِطيف ْ‬
‫هللا‪ ،‬يقول هللا ‪َ ﴿ :‬ك َذلِ ِ ِ‬
‫ف ما َكا َن لِيأْخ َذ أَخاه ِيف ِدي ِن الْملِ ِ‬
‫ك﴾ أي‪َ :‬ل يكن له أخذه يف حكم ملك مصر قاله‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ك ك ْد َان ليوس َ َ‬
‫َ‬

‫الضحاك وغريه‪ ،‬فهذا النص ُيدد مدلول كلمة دين‪ ،‬وهو نظام احلكم والشرع والطاعة‪ ،‬فكل من يتبع القوانني املخالفة لشرع هللا‬
‫فقد دخل هذا الدين الكفري‪ ،‬وترك دين هللا وجعل هلل شريك وند ينازعه يف سلطانه‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬أ َْم َهل ْم شَرَكاء َشَرعوا َهل ْم ِم َن‬
‫ِِ‬
‫ون الِلِ أ َ ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫﴿وِم َن الن ِ‬
‫الِلِ﴾‪.‬‬
‫ال هِدي ِن َما ََلْ ََيْ َا ْن بِِه َّ‬
‫ب ه‬
‫َّاس َمن يَتَّخذ من د ه‬
‫َنداداً ُيبُّونَه ْم َكح ه‬
‫الِل﴾‪﴿ ،‬فَال َْجت َعلوا َّلِل أَنْ َداداً﴾‪َ ،‬‬
‫الند‪ :‬املثل والنظري‪ ،‬وجعل الند هلل‪ :‬هو صرف أنواع العبادة أو شيء منها لغري هللا‪.‬‬
‫يقول هللا ‪﴿ :‬أَفَحكْم ْ ِ ِ ِ‬
‫الِلِ حكْما لهَِقوٍّم يوقِنو َن﴾‪ِ ،‬‬
‫الِل َوَال تَتَّبِ ْع أ َْه َواءَه ْم‬
‫احك ْم بَْي نَ ه ْم ِمبَا أَنْ َزَل َّ‬
‫َح َسن ِم َن َّ‬
‫﴿وأَن ْ‬
‫اْلَاهليَّة يَْب غو َن َوَم ْن أ ْ‬
‫ً ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫وك َع ْن بَ ْع ِ‬
‫الِل﴾‪﴿ ،‬فَِإ ْن تَنَ َاز ْعت ْم ِيف َش ْيء فَرُّدوه إِ ََل‬
‫اختَ لَ ْفت ْم فيه م ْن َش ْيء فَحكْمه إِ ََل َّ‬
‫ض َما أَنْ َزَل َّ‬
‫اح َذ ْره ْم أَ ْن يَ ْفتِن َ‬
‫الِل إِلَْي َ‬
‫﴿وَما ْ‬
‫َو ْ‬
‫ك﴾‪َ ،‬‬
‫احلكْم إَِّال َِِّ‬
‫الرس ِ‬
‫الِلِ أَبْتَغِي‬
‫ول إِ ْن كْن ت ْم ت ْؤِمنو َن َِب َّلِلِ َوالْيَ ْوِم ْاآل ِخ ِر﴾‪﴿ ،‬إِ ِن ْ‬
‫لِل َعلَْي ِه تَ َوَّك ْلت َو َعلَْي ِه فَ ْليَ تَ َوَّك ِل الْمتَ َوهكِلو َن﴾‪﴿ ،‬أَفَغَْي َر َّ‬
‫َّ‬
‫الِلِ َو َّ‬
‫ِِ‬
‫ِ‬
‫احلكْم إَِّال َِِّ‬
‫ص ًال﴾‪﴿ ،‬إِ ِن ا ْحلكْم إِال َِِّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫لِل أ ََمَر أََّال‬
‫ي﴾‪﴿ ،‬إِ ِن ْ‬
‫ص ْ‬
‫اب م َف َّ‬
‫لِل يَق ُّ‬
‫احلَ َّق َوه َو َخْي ر الْ َفاصل َ‬
‫َح َك ًما َوه َو الَّذي أَنْ َزَل إلَْيكم الْكتَ َ‬
‫تَعبدوا إَِّال إِ ََّّيه هَالِك هِ‬
‫الدين الْ َقيِهم َوهلَ ِك َّن أَ ْكثَ َر الن ِ‬
‫َّاس َال يَ ْعلَمو َن﴾‪.‬‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫‪4‬‬

‫احلكْم إَِّال َِّلِلِ أ ََمَر أََّال تَ ْعبدوا إَِّال إِ ََّّيه﴾‪ ،‬فلذلك من حتاكم لغري هلل‬
‫نرى بوضوح أن هللا ‪ ‬جعل التحاكم من العبادة يف قوله‪﴿ :‬إِ ِن ْ‬

‫فهو كافر عابد لغري هللا‪ ،‬يعبد من يتحاكم إليه‪.‬‬
‫الِل فَأولَئِك هم الْ َكافِرو َن﴾‪﴿ ،‬فَ َال وربِك َال ي ؤِمنو َن ح ََّ ُي هِكم َ ِ‬
‫ِ‬
‫يما َش َجَر بَْي نَ ه ْم مثَّ َال َِجيدوا‬
‫َ َه َ ْ‬
‫َنزَل َّ ْ َ‬
‫َه َ‬
‫﴿وَمن ََّلْ َُْيكم مبَا أ َ‬
‫وك ف َ‬
‫يقول هللا ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫يما﴾‪.‬‬
‫ِيف أَنفس ِه ْم َحَر ًجا هَمَّا قَ َ‬
‫ضْي َ‬
‫ت َوي َسلهموا تَ ْسل ً‬
‫ونرى اليوم أقوام تزعم أهنا مسلمة‪ ،‬وتردد شهادة التوحيد يف كل يوم‪ ،‬وهم ال يسلمون هلل يف أمور دنياهم‪ ،‬فيقولون الدين هلل‪ ،‬والوطن‬
‫للجميع! ونرى سادة وكِباء هذه األقوام يسنون القواني املخالفة لشرع هللا‪ ،‬وعامة هذه األقوام تتحاكم هلذه التشريعات والقواني!‬

‫الكفر ابلطاغوت‪:‬‬

‫ِ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ك ي ِريدو َن أَ ْن ي تَحا َكموا إِ ََل الطااغُ ِ‬
‫وت َوقَ ْد‬
‫ك َوَما أنْ ِزَل ِم ْن قَ ْبل َ‬
‫ين يَ ْزعمو َن أَنَّه ْم َآمنوا ِمبَا أنْ ِزَل إِلَْي َ‬
‫َ َ‬
‫يقول هللا ‪﴿ :‬أَََلْ تَ َر إ ََل الذ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫يدا﴾‪.‬‬
‫ض َالًال بَعِ ً‬
‫أمروا أَن يَكْفروا بِه َوي ِريد الشَّْيطَان أَ ْن يضلَّه ْم َ‬

‫[تفسري الطِبي] أَل تر َّي َممد بقلبك فتعلم إَل الذين يزعمون أهنم صدقوا مبا أنزل إليك من الكتاب‪ ،‬وإَل الذين يزعمون أهنم آمنوا‬
‫مبا أنزل من قبلك من الكتب يريدون أن يتحاكموا يف خصومتهم إَل الطاغوت يعِن إَل‪ :‬من يعظمونه‪ ،‬ويصدرون عن قوله‪ ،‬ويرضون‬
‫ِبكمه من دون حكم هللا‪ ،‬وقد أمروا أن يكفروا به‪ ،‬يقول‪ :‬وقد أمرهم هللا أن يكذبوا مبا جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكمون إليه‪،‬‬
‫فرتكوا أمر هللا واتبعوا أمر الشيطان‪.‬‬
‫ويريد الشيطان أن يضلهم ضالال بعيدا‪ ،‬يعِن‪ :‬أن الشيطان يريد أن يصد هؤالء املتحاكمي إَل الطاغوت عن سبيل احلق واهلدى‬
‫فيضلهم عنها ضالال بعيدا يعِن‪ :‬فيجور هبم عنها جورا شديدا‪ ..‬انتهى‪.‬‬

‫ولكن ما هو الطاغوت؟‬
‫اكر هللا ‪ ‬يف غري موضع أن كل عبادة لغري هللا هي عبادة للطاغوت‪ ،‬وأن عبادة هللا ‪ ‬يلزمها جتنب عبادة الطاغوت والكفر به ‪-‬‬
‫الِل واجتنِبوا الطَّاغوت﴾‪﴿ ،‬فَمن يكْفر َِبلطَّاغ ِ‬
‫وت‬
‫﴿ولََق ْد بَ َعثْ نَا ِيف ك ِهل أ َّم ٍّة َرس ًوال أ َِن ْاعبدوا ََّ َ ْ َ‬
‫َ‬
‫َْ َ ْ‬
‫أي َبلطاغوت ‪ ،-‬كما يف قول هللا ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫انفصام َهلا﴾‪﴿ ،‬والَّ ِذين اجت ن بوا الطَّاغوت أَ ْن ي عبدوها وأ ََانبوا إِ ََل َِّ‬
‫ِ‬
‫الِل َهلم الْب ْشَرى﴾‪،‬‬
‫َ َ ْ ََ‬
‫استَ ْم َس َ‬
‫ك َِبلْع ْرَوة الْوثْ َقى ال َ َ َ‬
‫َوي ْؤم ْن َِب َّلِل فَ َقد ْ‬
‫َ َْ َ َ‬
‫﴿ي ِريدو َن أَ ْن ي تحا َكموا إِ ََل الطَّاغ ِ‬
‫وت َوقَ ْد أ ِمروا أَن يَكْفروا بِِه﴾‪.‬‬
‫ََ َ‬
‫وأيضاً اكر هللا ‪ ‬أن كل عبادة لغري هللا هي عبادة للشيطان‪ ،‬والك يف قول إبراهيم ‪ ‬ألبيه العابد لألصنام‪َّ﴿ :‬ي أَب ِ‬
‫ت َال تَ ْعب ِد‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫آد َم أَن َّال تَ ْعبدوا الشَّْيطَا َن إِنَّه لَك ْم َعد ٌّو‬
‫الشَّْيطَا َن إِ َّن الشَّْيطَا َن َكا َن ل َّلر ْمحَ ِن َعصيهاً﴾‪ ،‬ويقول هللا ‪﴿ :‬أَََلْ أ َْع َه ْد إِلَْيك ْم ََّي بَِِن َ‬
‫ُّمبِي * وأ َِن ٱعبد ِوِن هه َذا ِصرا ٌ ِ‬
‫يم﴾‪.‬‬
‫ٌ َ ْ‬
‫َ‬
‫ط ُّم ْستَق ٌ‬
‫َ‬
‫إذاً كل عبادة لغري هللا هي عبادة للشيطان أو للطاغوت‪ ،‬ابلتايل الطاغوت هو الشيطان‪.‬‬
‫لذلك من عبد املالئكة أو نبياً من األنبياء أو عبد أحد الصاحلي أو أي شيء دون هللا فهو يف احلقيقة عابد للشيطان أو للطاغوت‪،‬‬
‫وعابد ملن دعاه إَل هذه العبادة‪ ،‬اكر ابن هشام رمحه هللا يف كتاب "السرية النبوية" عن َممد بن إسحاق بن يسار أنه قال‪ :‬وجلس‬
‫رسول هللا ‪ -‬فيما بلغِن ‪ -‬يوما مع الوليد بن املغرية يف املسجد‪ ،‬فجاء النضر بن احلارث حَ جلس معهم‪ ،‬ويف املسجد غري واحد من‬
‫رجال قريش‪ ،‬فتكلم رسول هللا ‪ ‬فعرض له النضر بن احلارث‪ ،‬فكلمه رسول هللا ‪ ‬حَ أفحمه‪ ،‬وتال عليه وعليهم ﴿إِنَّك ْم َوَما‬
‫‪5‬‬

‫ون َِّ‬
‫تَعبدو َن ِمن د ِ‬
‫صب َج َهن ََّم أَنْت ْم َهلَا َوا ِردو َن﴾ إَل قوله‪َ ﴿ :‬وه ْم فِ َيها َال يَ ْس َمعو َن﴾‪ ،‬مث قام رسول هللا ‪ ،‬وأقبل عبد هللا بن‬
‫ْ‬
‫الِل َح َ‬
‫ْ‬
‫الزبعرى السهمي حَ جلس‪ ،‬فقال الوليد بن املغرية لعبد هللا بن الزبعرى‪ :‬وهللا ما قام النضر بن احلارث البن عبد املطلب آنفا وال‬
‫قعد‪ ،‬وقد زعم َممد أان وما نعبد من آهلتنا هذه حصب جهنم‪ ،‬فقال عبد هللا بن الزبعرى‪ :‬أما وهللا لو وجدته خلصمته‪ ،‬فسلوا َممدا‪:‬‬
‫كل ما يعبد من دون هللا يف جهنم مع من عبده‪ ،‬فنحن نعبد املالئكة‪ ،‬واليهود تعبد عزيرا‪ ،‬والنصارى تعبد عيسى ابن مرَي؟ فعجب‬
‫الوليد ومن كان معه يف اجمللس‪ ،‬من قول عبد هللا بن الزبعرى‪ ،‬ورأوا أنه قد احتج وخاصم‪ ،‬فذكر الك لرسول هللا ‪ ،‬فقال‪﴿ :‬كل من‬
‫أحب أن يعبد من دون هللا فهو مع من عبده‪ ،‬إهنم إمنا يعبدون الشياطي ومن أمرهتم بعبادته﴾‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫ين َآمنواْ ي َقاتِلو َن ِيف َسبِ ِيل‬
‫وبذلك ينقسم الناس إَل فسطاطي‪...،‬أولياء هللا ‪ ،‬وأولياء الشيطان أو الطاغوت‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬الذ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫﴿الِل وِ ُّ َّ ِ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ُّ ِ ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ين‬
‫ين َك َفرواْ ي َقاتلو َن يف َسب ِيل الطَّاغوت فَ َقاتلواْ أ َْوليَاء الشَّْيطَان﴾‪َ َّ ،‬‬
‫يل الذي َن َآمنوا خيْ ِرجهم هم َن الظل َمات إ ََل النُّور َوالذ َ‬
‫هللا َوالذ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َص َحاب النَّا ِر ه ْم فِ َيها َخالِدو َن﴾‪.‬‬
‫َك َفروا أ َْوليَاؤهم الطَّاغوت خيْ ِرجونَهم ِهم َن النُّوِر إِ ََل الظُّل َمات أوهلَئِ َ‬
‫كأ ْ‬
‫ِ‬
‫ك َج َع ْلنَا لِك ِهل‬
‫﴿وَك هَذل َ‬
‫وليس الشيطان املقصود به إبليس فقط‪ ،‬بل اكر يف القرآن أن يوجد شياطي من اإلنس واْلن‪ ،‬يقول هللا ‪َ :‬‬
‫اْلِ ِن ي ِ‬
‫ِ‬
‫ض ز ْخر َ ِ‬
‫ي ِْ‬
‫وحي بَ ْعضه ْم إِ َ هَل بَ ْع ٍّ‬
‫اإل ِ‬
‫ِ‬
‫ك َما فَ َعلوه ۖ فَ َذ ْره ْم َوَما يَ ْفتَ رو َن﴾‪ ،‬فكل‬
‫ورا َولَ ْو َشاءَ َربُّ َ‬
‫يب َعد ًّوا َشيَاط َ‬
‫نس َو ْ ه‬
‫ف الْ َق ْول غر ً‬
‫نَ ٍّه‬
‫ال‬
‫عبادة لغري هللا هي عبادة لشياطي األنس أو اْلن‪ ،‬وهي يف األساس عبادة للشيطان األكِب الطاغوت إبليس‪ ،‬يقول هللا ‪َ ﴿ :‬وقَ َ‬
‫ِ‬
‫الشَّيطَان لَ َّما ق ِ‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫استَ َجْب ت ْم ِيل ۖ‬
‫الِلَ َو َع َدك ْم َو ْع َد ْ‬
‫ض َي ْاأل َْمر إِ َّن َّ‬
‫احلَ ِهق َوَو َعدتُّك ْم فَأ ْ‬
‫ْ‬
‫يل َعلَْيكم همن س ْلطَان إَِّال أَن َد َع ْوتك ْم فَ ْ‬
‫َخلَ ْفتك ْم ۖ َوَما َكا َن َ‬
‫ون ِمن قَبل إِ َّن الظَّالِ ِمي َهلم ع َذ ِ‬
‫فَ َال تَلوم ِوِن ولوموا أَنفسكم ۖ َّما أ ََان ِمبص ِرِخكم وما أَنتم ِمبص ِرِخي ۖ إِِِن َك َفرت ِمبَا أَ ْشرْكتم ِ‬
‫يم﴾‪.‬‬
‫َ ْ َ ٌ‬
‫ْ‬
‫ْ ْ ََ‬
‫اب أَل ٌ‬
‫ْ َّ ه ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫والكفر َبلطاغوت – أي الكفر بكل عبادة لغري هللا ‪ -‬من َتقيق شهادة التوحيد‪ ،‬فالِباءة من العبادات الباطلة لغري هللا‪ ،‬هي ركن‬
‫التوحيد األول‪ ،‬والِباءة من العبادات الباطلة ال تتحقق إال َبلِباءة من أهل هذه العبادات الذين جعلوا هلل شريك يعبدونه‪.‬‬
‫وبذلك يظهر بكل وضوح أن الكفر َبلطاغوت يعادل قول {ال إله}‪ ،‬مث َيِت الشطر اآلخر من شهادة التوحيد {إال هللا}‪ ،‬والك‬
‫ِ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ص َام َهلَا﴾‪.‬‬
‫استَ ْم َس َ‬
‫الشطر يعادل اإلَيان َبهلل‪ ،‬كما اكر ‪﴿ :‬فَ َم ْن يَكْف ْر َِبلطَّاغوت َوي ْؤم ْن َِب َّلِل فَ َقد ْ‬
‫ك َِبلْع ْرَوة الْوثْ َقى ال انف َ‬
‫لذلك من شهد شهادة احلق {َل إله إَل هللا}‪ ،‬لزم عليه الكفر بكل الطواغيت الذين حيكمون بغري شرع هللا‪ ،‬والدساتري‬

‫والتشريعات والقوانني اليت ختالف شرع هللا أبنظمتها الوضعية اليت جتعل السيادة واحلكم لغري هللا "كالدميقراطية"‪ ،‬والكفر بكل‬
‫ممّن يقر أو يرضي هبا أو يتحاكم إليها‪.‬‬

‫تعريف "الدَيقراطية"‪ :‬الدَيقراطية كلمة يواننية األصل مبعىن حكومة الشعب‪ ،‬أو سلطة الشعب‪ ،‬فالشعب َبملفهوم "الدَيقراطي" ُيكم‬
‫نفسه بنفسه‪ ،‬وهو مصدر السلطات يف الدولة‪ ،‬فهو الذي خيتار احلكومة وشكل احلكم والنظم السائدة يف الدولة السياسية منها‬

‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مبعىن أن الشعب هو أساس احلكم وأساس السلطات يف الدولة‪ ،‬وهو مصدر القانون الذي َّتضع له الدولة‪،‬‬
‫وبذلك املفهوم يظهر بكل وضوح أن "الدَيقراطية" دين خيالف دين هللا ‪ ‬حيث أن األغلبية الشعبية هي احلَ َكم من دون هللا‪ ،‬وهى‬
‫املشرعة للقواني من دون هللا‪ ،‬أي أن الشعب لو أراد َتليل اخلمر أو َترَي اللحية فله الك إاا كان هذا رأي األغلبية الشعبية‪...،‬‬
‫الِل َع َّما ي ْش ِركو َن﴾‪.‬‬
‫﴿تَ َع َاَل َّ‬
‫فلذلك كل من يقر أو يرضى أو يتحاكم هلذا النظام الكفري فهو مشرك ابهلل‪.‬‬

‫واألكثر من الك أن هذا النظام "الدَيقراطي" يكلف ما يسمى "َبلِبملان" ليضع كتاب حاكم للبالد والعباد يسمى "َبلدستور"‪.‬‬

‫تعريف "الِبملان"‪ :‬يسمى مبجلس الشعب أو جملس النواب هو هيئة تشريعية متثل السلطة التشريعية يف الدول "الدستورية"‪ ،‬حيث‬
‫‪6‬‬

‫يكون خمتصا يف األصل جبميع َمارسات السلطة التشريعية‪ ،‬ويتكون من جمموعة من األفراد يطلق عليهم اسم النواب أو املمثلي‪،‬‬
‫ويكون التحاقهم َبلِبملان عن طريق االنتخاب واالقرتاع العام‪ ،‬ويتم اختيارهم بواسطة الشعب‪ ،‬ويكون للِبملان السلطة الكاملة فيما‬
‫يتعلق إبصدار التشريعات والقواني‪ ،‬أو إلغائها والتصديق على االتفاقات الدولية واخلارجية اليت يِبمها َمثلو السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫فهذا هو "الِبملان"! هو عبارة عن جمموعة من البشر لديهم حق إنزال أحكام وقواني َتكم البشر! بل لديهم أيضاً حق وضع كتاب‬
‫يسمى "َبلدستور" ُيدد املبادئ األساسية اليت على أساسها يتم وضع النظم العامة‬
‫تعريف "الدستور"‪ :‬املادة اليت منها تستوحى األنظمة والقواني اليت تسري عليها الدولة حلل القضاَّي أبنواعها‪ ،‬ويعرف الدستور على أنه‬
‫جمموعة املبادئ األساسية املنظمة لسلطات الدولة واملبينة حلقوق كل من احلكام واحملكومي فيها بدون التدخل يف املعتقدات الدينية‪.‬‬
‫ويشمل اختصاصات السلطات الثالث السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية وتلتزم به كل القواني األدىن مرتبة يف‬
‫اهلرم التشريعي فالقانون جيب أن يكون متوخيا للقواعد الدستورية‪ ،‬وكذلك اللوائح جيب أن تلتزم َبلقانون األعلى منها مرتبة إاا ما كان‬
‫القانون نفسه متوخيا القواعد الدستورية‪ ،‬ويف عبارة واحدة تكون القواني واللوائح غري شرعية إاا خالفت قاعدة دستورية‪.‬‬
‫فبذلك التعريف نرى أن "الدستور" هو كتاب بديل للقرآن الكرَي والسنة النبوية‪ ،‬فاملسلم َيخذ األحكام واملبادئ والتشريعات والقواني‬
‫من القرآن والسنة النبوية‪.‬‬
‫كيف ينزل هللا علينا القرآن الكرَي لكي ْنكم به‪ ،‬وينظم لنا أمور ديننا ودنياان‪ ،‬يف هذا الكتاب الرَبِن‪ ،‬مث نستبدله بكتاب من صنع‬
‫الِل﴾‪.‬‬
‫البشر!‪...‬سبحان هللا‪﴿ ،‬أَأَنت ْم أ َْعلَم أَِم َّ‬
‫ومن االعتقادات الباطلة اليت تنقض أصل الدين أيضاً "الوطنية"‪ ،‬فاملسلم يواَل ويعادى على أساس الدين‪ ،‬ال على أساس األرض أو‬
‫القبيلة أو املصلحة أو غري الك من اْلاهليات‪ ،‬أما "الوطنية" تقوم على إقامة املوالة واملؤاخاة على أساس الوطن‪ ،‬ال على أساس‬

‫الدين‪ ،‬فاْلميع إخوة يف الوطن هلم نفس احلقوق‪ ،‬وعليهم نفس الواجبات‪ ،‬وإن اختلفت أدَّيهنم‪.‬‬
‫ونرى اليوم األرض مقسمة إَل دول وفقاً حلدود سياسية ومهية‪ ،‬وكل دولة هلا دين أي نظام وقواني وتشريعات خاصة هبا‪ ،‬وكل فرد‬
‫اتبع للدولة يكون له "جنسية" أي له رابطة قانونية وسياسية قائمة بي الفرد والدولة‪ ،‬ونرى اليوم أيضاً جيوش تقاتل يف سبيل "الوطنية"‬
‫وَتت راَّيت جاهلية تسمى "األعالم"‪ ،‬عن احلارس األشعري قال‪ :‬قال رسول هللا ‪﴿ :‬آمركم خبمس‪َ :‬بْلماعة والسمع‪ ،‬والطاعة‪،‬‬
‫واهلجرة‪ ،‬واْلهاد يف سبيل هللا‪ ،‬وإنه من خرج من اْلماعة قيد شِب فقد خلع ربقة اإلسالم من عنقه إال أن يراجع ومن دعا بدعوى‬
‫اْلاهلية فهو من جثى جهنم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم﴾ رواه أمحد والرتمذي‪ ،‬فلذلك كل من يقر أو يرضى "ابلوطنية" أو‬
‫ينضم أو يناصر اجليوش "الوطنية" اليت تقاتل حتت الراايت اجلاهلية فهو مشرك ابهلل لزم على املسلم الرباءة منه‪ ،‬وَل يصح‬
‫إسالم أحد إَل ابلرباءة والكفر بكل مشرك ابهلل‪ ،‬فهذا هو حتقيق الكفر ابلطاغوت‪.‬‬

‫الوَلء والرباء‪:‬‬

‫ِ‬
‫ي‬
‫الكفار هم أولياء الشيطان‪ ،‬وإن ظنوا أهنم من أولياء هللا‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬فَ ِري ًقا َه َد هى َوفَ ِري ًقا َح َّق َعلَْي ِهم الض َ‬
‫َّاللَة إِنَّهم َّاَّتَذوا الشَّيَاط َ‬
‫ون َِّ‬
‫أَولِياء ِمن د ِ‬
‫الِل َوَُْي َسبو َن أَنَّه ْم م ْهتَدو َن﴾‪.‬‬
‫َْ َ ْ‬
‫هللا ‪ ‬خيِبان أن أهل األرض فريقان ال اثلث هلما‪ ،‬فريق املؤمني الذين هم أولياء هللا‪ ،‬وفريق الكفار الذين هم أولياء الشيطان‪ ،‬يقول‬

‫‪7‬‬

‫هللا ‪﴿ :‬ه َو الَّ ِذي َخلَ َقك ْم فَ ِمنك ْم َكافٌِر َوِمنكم ُّم ْؤِم ٌن﴾‪ ،‬فمن ترك اإلَيان َبهلل الذي هو االعتقاد والقول والعمل بال إله إال هللا‪ ،‬فهو‬
‫كافر من أولياء الشيطان‪ ،‬وإن كان يعتقد أنه مسلم مؤمن َبهلل‪ ،‬فاإلنسان إما مسلم موحد‪ ،‬وإما كافر مشرك‪.‬‬
‫والبد أن يعلم املرء أن الشيطان عدو لإلنسان‪ ..،‬لكل إنسان‪ ..،‬مسلم وكافر‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬إِ َّن الشَّيطَا َن لِ ِْإلنس ِ‬
‫ي ﴾‪.‬‬
‫ان َعد ٌّو ُّمبِ ٌ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َخَر َج أَبَ َويْكم‬
‫آد َم َال يَ ْفتنَ نَّكم الشَّْيطَان َك َما أ ْ‬
‫ولكن الشيطان يوايل الكافر يف الدنيا لكي يدخله النار يف اآلخرة‪ ،‬يقول هللا ‪ََّ ﴿ :‬ي بَِِن َ‬
‫اط ِ َِّ ِ‬
‫ِِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِمن ْ ِ‬
‫ين َال‬
‫اسه َما ل ِرييَه َما َس ْوآهت َما إِنَّه يََراك ْم ه َو َوقَبِيله م ْن َحْيث َال تَ َرْونَه ْم إِ َّان َج َع ْلنَا الشَّيَ َ‬
‫اْلَنَّة يَن ِزع َعْن ه َما لبَ َ‬
‫ي أ َْوليَاءَ للذ َ‬
‫هَ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫يم﴾‪.‬‬
‫الِل يَعدكم َّم ْغفَرًة همْنه َوفَ ْ‬
‫ضالً َو ه‬
‫ي ْؤمنو َن﴾‪﴿ ،‬الشَّْيطَان يَعدكم الْ َف ْقَر َو ََيْمركم َِبلْ َف ْح َشاء َو ه‬
‫الِل َواس ٌع َعل ٌ‬
‫وبرغم أن الشيط ان عدو لإلنسان‪ ،‬إال أن ليس كل إنسان عدو للشيطان‪ ،‬فالكافر من أولياء الشيطان‪ ،‬أما املسلم فهو من أولياء هللا‬
‫‪ ،‬وهللا ‪ ‬أمر املسلم أن يتخذ الشيطان عدو له‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬إِ َّن الشَّيطَا َن لَكم عد ٌّو فَ َِّ‬
‫اَّتذوه َعد ًّوا إَِّمنَا يَ ْدعو ِح ْزبَه لِيَكونوا‬
‫ْ َ‬
‫ْ‬
‫السعِ ِري﴾‪﴿ ،‬ومن ي ت ِ‬
‫ِ‬
‫َّخ ِذ الشَّيطَا َن ولِياً ِمن د ِ‬
‫َصح ِ‬
‫الِلِ فَ َق ْد َخ ِسَر خ ْسَراانً مبِيناً﴾‪.‬‬
‫ون َّ‬
‫اب َّ‬
‫ْ َه ْ‬
‫ََ ْ َ‬
‫م ْن أ ْ َ‬
‫فهذا حال املسلم مع الشيطان‪...،‬فكيف يكون حال املسلم مع الكفار أولياء الشيطان؟‬
‫َل يكن مشركي العرب جيحدون وجود هللا‪ ،‬بل كانوا يعلمون أن هللا ‪ ‬هو رب الكون‪ ،‬وهو اخلالق الرازق‪ ،‬وكانوا مقرين بذلك‪ ،‬وكان‬
‫أكثرهم يظنون أهنم على دين إبراهيم ‪ ،‬مع الك قال هللا ‪ ‬عنهم أهنم مشركون‪ ،‬وكان رسول هللا ‪ ‬يدعوهم لإلسالم‪َ ،‬ل خيدهم‬
‫ويقول هلم‪ :‬أنتم على دين إبراهيم ‪ ‬ولكن عندكم بعض األخطاء االعتقادية‪َ ...،‬ل يقل هلم‪ :‬أنتم على دين إبراهيم ‪ ‬ولكن‬
‫إبراهيم ‪ ‬كان يفعل كذا وكذا‪ ،‬وينقصكم كذا وكذا‪ ...،‬ما كان الرسول ‪ ‬يفعل الك‪.‬‬
‫وحال عابدي األصنام الذين كانوا يعتقدون أهنم على دين إبراهيم ‪ ‬كحال مشركي النصارى واليهود‪ ،‬مجيعهم كانوا يظنون أهنم‬
‫على دين رسلهم‪ ،‬ولكن معاا هللا أن يكون الشرك دين الرسل واألنبياء‪.‬‬
‫َل يقر رسول هللا ‪ ‬يوماً واحداً بدين املشركي‪َ ...،‬ل َيدح يوماً دينهم حَ َيلف قلوهبم يف دعوهتم لدين اإلسالم‪ ،‬يقول هللا ‪‬‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫ِِ‬
‫ِ ِ‬
‫يد َّن َكثِ ًريا ِمْن ه ْم َما أنْ ِزَل‬
‫يل َوَما أنْ ِزَل إِلَْيك ْم ِم ْن َربِهك ْم َولَيَ ِز َ‬
‫للرسول ‪﴿ :‬ق ْل ََّي أ َْه َل الْكتَاب لَ ْست ْم َعلَ هى َش ْيء َح َّ هَ تقيموا الت َّْوَرا َة َو ْاإل َْن َ‬
‫ِ ِ‬
‫ين﴾‪.‬‬
‫ك ط ْغيَ ً‬
‫ك ِم ْن َربِه َ‬
‫إِلَْي َ‬
‫س َعلَى الْ َق ْوم الْ َكاف ِر َ‬
‫اان َوك ْفًرا ۖ فَ َال ََتْ َ‬
‫نعم‪ ..،‬كان رسول هللا ‪ ‬يشفق عليهم من عذاب هللا ‪ ،‬وكان يتمىن هلم اهلداية‪ ،‬ولكن كان يدعوهم من منطلق صاحب احلق‬
‫الذي يرى الناس يف الضالل‪ ...،‬كان يدعوهم وهو ينظر إليهم نظرة الذي يقف على الِب ويرى الناس يغرقون فيحاول أن ينجيهم‪،‬‬
‫فهذا رسول هللا ‪ ‬يف الِب وهؤالء املشركي يف البحر‪ ...،‬هذا اإلسالم وهذا الشرك‪ ...،‬هذا طريق وهذا طريق‪ ،‬يقول هللا ‪َ ﴿ :‬مثَل‬
‫ي َك ْاأل َْعمى و ْاألَصم والْب ِ‬
‫الْ َف ِري َق ْ ِ‬
‫الس ِميع َه ْل يَ ْستَ ِوََّي ِن َمثًَال أَفَ َال تَ َذ َّكرو َن﴾‪.‬‬
‫صري َو َّ‬
‫َ َ َه َ َ‬
‫إن اإلسالم هو دين هللا‪ ،‬والشرك هو دين الشيطان‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬وَمن يَْب تَ ِغ َغْي ر ِْ‬
‫اإل ْس َالِم ِدينًا فَلَن ي ْقبَ َل ِمْنه َوه َو ِيف ْاآل ِخَرةِ ِم َن‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ْ ِ‬
‫ين﴾‪ ،‬فهذا دين وهذا دين‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬ق ْل ََّي أَيُّ َها الْ َكافِرو َن * َال أ َْعبد َما تَ ْعبدو َن * َوَال أَنْت ْم َعابِدو َن َما أَ ْعبد * َوَال أ ََان‬
‫اخلَاس ِر َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫يل ِدي ِن﴾‪.‬‬
‫َعاب ٌد َما َعبَ ْد ْت * َوَال أَنْت ْم َعابدو َن َما أ َْعبد * لَك ْم دينك ْم َو َ‬
‫البد أن يعلم املشرك أنك حي تدعوه لإلسالم إمنا تدعوه لرتك دينه‪ ،‬ال لرتقيع ديناً غرق يف ظلمات الشرك واْلهل‪ ...،‬البد أن يعلم‬
‫أنك تدعوه حلياة غري احلياة‪ ،‬ومصري غري املصري‪ ...،‬هذه جنة وهذه انر‪ ...،‬هذا نعيم وهذا عذاب‪.‬‬
‫ت لَك ْم أ ْس َوةٌ َح َسنَةٌ‬
‫لذلك كان مجيع الرسل واألنبياء يصدعون َبحلق‪ ،‬وهو إظهار تكفريهم ألقوامهم املشركي‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬قَ ْد َكانَ ْ‬
‫ون َِّ‬
‫ِيف إِب ر ِاهيم والَّ ِذين معه إِ ْا قَالوا لَِقوِم ِهم إِ َّان ب رآء ِمْنكم وَِمَّا تَعبدو َن ِمن د ِ‬
‫ضاء أَبَ ًدا َح ََّ‬
‫الِل َك َف ْرَان بِك ْم َوبَ َدا بَْي نَ نَا َوبَْي نَكم الْ َع َد َاوة َوالْبَ ْغ َ‬
‫َْ ْ‬
‫َْ َ َ َ َ َ‬
‫ْ‬
‫ْ ْ َ‬
‫‪8‬‬

‫ِ ِ ِ‬
‫ال أَفَ َرأَيْت ْم َما كْن ت ْم‬
‫ال إِبْ َر ِاهيم ِألَبِ ِيه َوقَ ْوِم ِه إِن َِِّن بََراءٌ َِمَّا تَ ْعبدو َن * إَِّال الَّ ِذي فَطََرِِن فَِإنَّه َسيَ ْه ِدي ِن﴾‪﴿ ،‬قَ َ‬
‫﴿وإِ ْا قَ َ‬
‫ت ْؤمنوا َب َّلِل َو ْح َده﴾‪َ ،‬‬
‫تَعبدو َن * أَنْتم وآَبؤكم ْاألَقْ َدمو َن * فَِإنَّهم عد ٌّو ِيل إَِّال ر َّ ِ‬
‫﴿وإِ ِا ْاعتَ َزلْتموه ْم َوَما‬
‫﴿وأ َْعتَ ِزلك ْم َوَما تَ ْدعو َن ِم ْن دون َّ‬
‫ْ َ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬
‫ْ‬
‫ََْ‬
‫الِل﴾‪َ ،‬‬
‫ي﴾‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫الِلَ﴾‪ ،‬يف هذه اآلَّيت القرآنية يعلن إبراهيم ‪ ‬وكذلك أصحاب الكهف براءهتم وعداوهتم وبغضهم واعتزاهلم وكفرهم‬
‫يَ ْعبدو َن إَِّال َّ‬
‫بقومهم الكفار‪ ،‬ومبا يعبدون من دون هللا ‪ ،‬فهذا حال املسلم‪...،‬يوايل أولياء هللا‪ ،‬ويكفر بكل عبادة لغري هللا‪ ،‬ويكفر أبهلها ويتِبأ‬
‫منهم‪.‬‬
‫لذلك كل إنسان َل يربأ إىل هللا من شرك "الدساتري" والقوانني الوضعية‪ ،‬وشرك "الدميقراطية"‪ ،‬وشرك دعاوى اجلاهلية مثل‬
‫"الوطنية" "واجلنسية" وغري ذلك وَل يكفر هبا‪ ،‬فهو ليس مبسلم‪ ،‬وَل يصح إسالم أحد إَل ابلرباءة من الشرك وأهله ومواَلته‬
‫لإلسالم وأهله‪ ،‬عن رسول هللا ‪ ‬قال‪﴿ :‬من وحد هللا‪ ،‬وكفر مبا يعبد من دون هللا حرم ماله ودمه وحسابه على هللا عز وجل﴾ رواه‬
‫مسلم‪ ،‬عن رسول ‪ ‬قال‪﴿ :‬من قال‪ :‬ال إله إال هللا وكفر مبا يعبد من دون هللا حرم ماله ودمه﴾ رواه مسلم‪.‬‬
‫فاإلنسان إما مؤمن نواليه يف هللا‪ ،‬وإما كافر نعاديه يف هللا‪ ،‬لكي يظهر اخلط الفاصل بي أولياء هللا وأولياء الشيطان‪.‬‬
‫﴿والْم ْؤِمنو َن َوالْم ْؤِمنَات بَ ْعضه ْم أ َْولِيَاء بَ ْع ٍّ‬
‫ض﴾‪﴿ ،‬إَِّمنَا الْم ْؤِمنو َن إِ ْخ َوةٌ﴾‪.‬‬
‫يقول هللا ‪َ :‬‬
‫هللا ‪ ‬خيِبان أن املؤمنون واملؤمنات أخوة وعصبة واحدة يوالون بعضهم بعض‪ ،‬ويصف هللا ‪ ‬املؤمني‪﴿ :‬أ َِشدَّاء َعلَى الْكفَّا ِر ر َمحَاء‬
‫ِ‬
‫بَْي نَ هم﴾‪﴿ ،‬أ َِالٍَّّة َعلَى الْم ْؤِمنِ َ ِ ٍّ‬
‫ين﴾‪.‬‬
‫ْ‬
‫ي أَعَّزة َعلَى الْ َكاف ِر َ‬
‫فمن أحب هللا أحب املؤمني أولياء هللا‪ ،‬وكره وأبغض أعداء هللا‪ ،‬عن الرسول هللا ‪ ‬قال‪﴿ :‬إن أوثق عرى اإلَيان أن َتب يف هللا‪،‬‬
‫وتبغض يف هللا﴾ رواه أمحد‪ ،‬وقال رسول هللا ‪﴿ :‬املرء مع من أحب﴾ رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫﴿ال َِجتد قَوما ي ؤِمنو َن َِب َِّ‬
‫الِلَ َوَرسولَه َولَ ْو َكانوا‬
‫لِل َوالْيَ ْوِم ْاآل ِخ ِر ي َو ُّادو َن َم ْن َح َّ‬
‫اد َّ‬
‫أما من يوايل أعداء هللا الكفار فاهلل ‪ ‬يقول عنهم‪َ :‬‬
‫ًْ ْ‬
‫ِ‬
‫اإلَيَا َن﴾‪ِ ِ ِ َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ك َكتَب ِيف ق لوهبِِم ِْ‬
‫ين أ َْولِيَاءَ ِم ْن‬
‫َ‬
‫﴿ال يَتَّخذ الْم ْؤمنو َن الْ َكاف ِر َ‬
‫آَبءَه ْم أ َْو أَبْنَاءَه ْم أ َْو إ ْخ َوانَه ْم أ َْو َعش َريتَه ْم أولَئ َ َ‬
‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ ِِ‬
‫ِ‬
‫َّ َّ‬
‫ك فَلَْيس ِمن َّ ِ‬
‫ت َهل ْم أَنفسه ْم أَن‬
‫َّم ْ‬
‫دون الْم ْؤمن َ‬
‫س َما قَد َ‬
‫الِل يف َش ْيء﴾‪﴿ ،‬تَ َرى َكثرياً همْن ه ْم يَتَ َول ْو َن الذ َ‬
‫ي َوَم ْن يَ ْف َع ْل اَل َ َ َ‬
‫ين َك َفرواْ لَبْئ َ‬
‫ِ‬
‫َّيب وما أن ِزَل إِلَي ِه ما َّاَّتَذوهم أَولِياء ولَ ِك َّن َكثِرياً ِمْن هم فَ ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫اسقو َن﴾‪.‬‬
‫َس ِخ َ‬
‫ط ه‬
‫ْ َ‬
‫الِل َعلَْي ِه ْم َوِيف الْ َع َذاب ه ْم َخالدو َن * َولَ ْو َكانوا ي ْؤمنو َن َِبهلل والنِ ِه َ َ‬
‫ه ْ‬
‫ْ َْ َ‬
‫﴿وَم ْن يَتَ َوَّهل ْم ِمْنك ْم فَِإنَّه ِمْن ه ْم﴾‪ ،‬فكل من يوايل الكفار كافر‪ ،‬وإن صلى وصام وزعم‬
‫ومن يوايل الكفار َيخذ حكمهم يقول هللا ‪َ :‬‬
‫أنه مسلم‪ ،‬فال يصح إسالم أحد إال بتحقيق شهادة التوحيد اليت ال تصح إال َبلِباءة من أهل الكفر‪.‬‬
‫وبذلك يظهر بوضوح أن قول َل إله إَل هللا يعين اإلميان ابهلل والكفر ابلطاغوت‪ ،‬ويعين أيضاً الوَلء هلل والكفر مبا يُعبد من دون‬
‫هللا‪ ،‬فهذا هو دين هللا‪.‬‬

‫حال املشركني سابقاً‪:‬‬

‫إاا َتملنا حال معظم الكفار يف كتاب هللا ‪ ،‬لوجدانهم َل ينكروا وجود هللا‪ ،‬بل يؤمنون أبنه هو اخلالق‪ ،‬وهو املتصرف يف الكون‪،‬‬
‫احلي ِمن الْميِ ِ‬
‫الس َم ِاء َواأل َْر ِ‬
‫ت‬
‫ض أ ََّمن َيَْلِك َّ‬
‫وهو رب كل شيء‪ ،‬يقول هللا ‪﴿ :‬ق ْل َمن يَ ْرزقكم ِهم َن َّ‬
‫ص َار َوَمن خيْرِج َْ َّ َ َ ه‬
‫الس ْم َع واألَبْ َ‬
‫احل ِي ومن ي َدبِر األَمر فَسي قولو َن الِل﴾‪﴿ ،‬ولَئِن سأَلْت هم من خلَق َّ ِ‬
‫وخيْرِج الْميَّ ِ‬
‫﴿ولَئِ ْن َسأَلْتَ ه ْم‬
‫ض لَيَ قول َّن َّ‬
‫ه‬
‫َ َ‬
‫الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ‬
‫َ ْ َ َ ْ َْ َ َ‬
‫ت م َن َْ ه َ َ ه ْ َ َ َ‬
‫الِل﴾‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫السم ِاء ماء فَأ ِ‬
‫ِ‬
‫الِل﴾‪ِ ،‬‬
‫الِل﴾‪ ،‬ولكن كانوا مع الك‬
‫ض ِم ْن بَ ْع ِد َم ْوِهتَا لَيَ قول َّن َّ‬
‫َم ْن َخلَ َقه ْم لَيَ قول َّن َّ‬
‫َحيَا بِه ْاأل َْر َ‬
‫﴿ولَئ ْن َسأَلْتَ ه ْم َم ْن نََّزَل م َن َّ َ َ ً ْ‬
‫َ‬
‫‪9‬‬






Download التوحيد - نهائي



التوحيد - نهائي.pdf (PDF, 761.71 KB)


Download PDF







Share this file on social networks



     





Link to this page



Permanent link

Use the permanent link to the download page to share your document on Facebook, Twitter, LinkedIn, or directly with a contact by e-Mail, Messenger, Whatsapp, Line..




Short link

Use the short link to share your document on Twitter or by text message (SMS)




HTML Code

Copy the following HTML code to share your document on a Website or Blog




QR Code to this page


QR Code link to PDF file التوحيد - نهائي.pdf






This file has been shared publicly by a user of PDF Archive.
Document ID: 0000588461.
Report illicit content