عربة…معاهدة بإتجاه واحد (PDF)




File information


This PDF 1.5 document has been generated by Adobe InDesign CS5 (7.0) / Adobe PDF Library 9.9, and has been sent on pdf-archive.com on 24/10/2013 at 12:08, from IP address 46.32.x.x. The current document download page has been viewed 1340 times.
File size: 1.94 MB (36 pages).
Privacy: public file
















File preview


‫اﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬
‫ﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر‬
‫واﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮي‬
‫اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ‬

‫وادي ﻋﺮﺑﺔ‬

‫ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺑﺎﺗﺠﺎه واﺣﺪ‬
‫ﺗﺄﻟﻴﻒ‪ :‬ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق اﻟﺤﺒﺎﺷﻨﺔ‬
‫رﺳﻮﻣﺎت‪ :‬ﻧﻀﺎل اﻟﺨﻴﺮي‬

‫وادي ﻋﺮﺑﺔ‬
‫ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺑﺎﺗﺠﺎه واﺣﺪ‬

‫ﻣﻠﺨﺺ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب ”اﻟﻌﻼﻗﺎت اردﻧﻴﺔ ‪ -‬اﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ‪ ،‬اﻟﺠﺬور واﻓﺎق“‬
‫ﺗﺄﻟﻴﻒ‪:‬‬
‫ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق اﻟﺤﺒﺎﺷﻨﺔ‬
‫رﺳﻮﻣﺎت‪:‬‬
‫ﻧﻀﺎل اﻟﺨﻴﺮي‬
‫إﺻﺪار‪:‬‬
‫أرض وﻛﺮاﻣﺔ‪ :‬ا„ﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮي اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ‬
‫ﻋ ّﻤﺎن ‪© 2012‬‬

‫قال تعاىل‪:‬‬
‫َ‬
‫ا�س َعدَا َو ًة ِل َّلذِ ينَ �آ َم ُنوا‬
‫( َل َتجِ َد َّن �أ َ�ش َّد ال َّن ِ‬
‫ا ْل َيهُو َد َوا َّلذِ ينَ �أَ�شْ َر ُكوا َو َل َتجِ َد َّن �أَ ْق َر َب ُه ْم‬
‫َم َو َّد ًة ِل َّلذِ ينَ �آ َم ُنوا ا َّلذِ ينَ َقا ُلوا �إِ َّنا َن�صَ ا َرى‬
‫َذل َِك ِب�أَ َّن مِ ْن ُه ْم ق ِّ�سي�سيـ ــنَ َورُهْ َبان ـ ـاً َو�أَ َّن ُه ْم ال‬
‫ربو َن)‬
‫ي َْ�س َت ْك ُ‬
‫�صدق اهلل العظيم‬
‫(�سورة املائدة الآية ‪)82‬‬

‫‪2‬‬

‫مقدمـة‬
‫وبعد‪:‬‬
‫انطالق ًا من احلر�ص على الأردن‪ ،‬االن�سان والأر�ض والتاريخ‪ .‬والنتمائي للرتاب الذي احت�ضن رفات جدي احلادي والأربعني‪.‬‬
‫وكجزء عزيز من وطني العربي الكبري يف مواجهة امل�ش ��روع ال�ص ��هيوين؛ اخرتت اخلو�ض يف هذا املو�ض ��وع بالغ احل�سا�س ��ية‪.‬‬
‫و�إن ��ه ملن املفي ��د قبل احلديث عن معاهدة وادي عربة ونتائجها وانعكا�س ��ها على جممل ال�ص ��راع العربي ال�ص ��هيوين ب�ش ��كل‬
‫عام‪ ،‬وعلى الأردن ككيان �سيا�س ��ي ب�شكل خا�ص‪ ،‬اخلو�ض يف حتليل تاريخي ومو�ضوعي لطبيعة امل�شروع االمربيايل ال�صهيوين‬
‫الذي ال ي�س ��تهدف فل�سطيننا فح�س ��ب‪ ،‬بل الوطن العربي الكبري مبجمله‪ ،‬ب�س ��بب موقعه اجلغرايف وخ�صائ�صه اجليو�سيا�سية‬
‫واال�سرتاتيجية ووفرة موارده وثرواته‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫المحتويات‬
‫ ‬
‫مقدمة‬
‫ ‬
‫الف�صل الأول امل�ؤامرة العامل ّية‪ ،‬والتو ّرط العربي‪ :‬خلف ّية تاريخ ّية و�سيا�س ّية‬
‫ ‬
‫الف�صل الثاين‪ :‬حتليل بنود االتفاق ّية‪ :‬كيف نعرف �أن املعاهدة باطلة؟‬
‫ ‬
‫‪ 1.2‬املقدمة واملبادئ العامة‬
‫ ‬
‫‪ 2.2‬احلدود الدولية‪� :‬أين ذهبت �أرا�ضينا؟‬
‫ ‬
‫‪ 3.2‬الأمن‪ :‬كيف حتمي املعاهدة الكيان‬
‫ ‬
‫‪ 4.2‬م�ساهمة املعاهدة يف الإفقار املائي‬
‫ ‬
‫‪ 5.2‬كيف مت �إغفال حق عودة الالجئني والنازحني‬
‫‪ 6.2‬االلتفاف على القد�س ‬
‫ ‬
‫‪ 7.2‬التطبيع االقت�صادي والثقايف والعلمي‬
‫ ‬
‫الف�صل الثالث ‪ :‬اال�ستنتاجات‬

‫‪4‬‬

‫ ‬
‫‪3‬‬
‫‪5‬‬
‫‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫‪13‬‬
‫‪17‬‬
‫‪21‬‬
‫‪25‬‬
‫‪27‬‬
‫‪29‬‬
‫‪31‬‬

‫الفصل األول‬

‫المؤامرة العالم ّية‪،‬‬
‫والتو ّرط العربي‪ :‬خلف ّية‬
‫تاريخ ّية وسياس ّية‬

‫انطلق مفكرو احلركة ال�صهيونية منذ مطلع القرن التا�سع ع�شر يف حتديد‬
‫مع ��امل الوطن القومي الذي يريدون‪ ،‬وذلك من بع�ض املرتكزات التوراتية‬
‫للأر� ��ض املقد�س ��ة التي زعموا وروده ��ا يف التوراة‪ .‬ويف هذا ال�س ��ياق‪ ،‬من‬
‫املهم التط ّرق ملا قاله «وليم كانتور» �أكرب كتاب التاريخ اليهودي �أن‪« :‬الوعد‬
‫املقد�س بفل�س ��طني لليهود مل يثبت علمي ًا و�أنه �شيء ينتمي �إىل عامل الأدب‬
‫�أك�ث�ر مما ينتمي �إىل عامل الدين»‪ .‬كذل ��ك ما قاله الدكتور روبرت �ألرت –‬
‫�أ�س ��تاذ الديانة اليهودية يف جامعة بركلي – كاليفورنيا‪ -‬الواليات املتحدة‬
‫– حيث يقول �أن «التوراة املتداولة الآن يجب قراءتها بعيون الأدب‪ ،‬ولي�س‬
‫بعيون التاريخ �أو الدين»‪.‬‬
‫لك ��ن احلركة ال�ص ��هيونية ا�س ��تطاعت املزاوجة بني م�ش ��روعها يف �إيجاد‬
‫وط ��ن قومي لليهود يف فل�س ��طني‪ ،‬وبني الأطماع اال�س ��تعمارية الأوروبية يف‬
‫املنطقة العربية»‪ .‬وللداللة على ذلك‪ ،‬ميكن ا�س ��تعرا�ض بع�ض الطروحات‬
‫وامل�ش ��اريع الأوروبية‪ ،‬مثل املقرتح الذي قدمه اللورد باملر�س ��تون – رئي�س‬
‫وزراء بريطاني ��ا ‪ -‬حلكومت ��ه عام ‪ 1840‬ب�إقامة دولة يهودية يف فل�س ��طني‬
‫«لتف�صل امل�شرق العربي عن مغربه»‪ .‬وبوجوب تقويتها لتتمكن من «�ضرب‬
‫�أية حماولة للوحدة العربية»‪.‬‬
‫�أم ��ا �أرن�س ��ت اله ��اران الناط ��ق با�س ��م نابليون الثال ��ث‪ ،‬فقد اق�ت�رح عام‬
‫‪ -1860‬م�س ��تغ ًال الفتن ��ة الطائفي ��ة يف لبنان حينها– �إقام ��ة حلف ثالثي‬
‫بني الفرن�س ��يني املن ��وي توطينهم حول قناة ال�س ��وي�س واملوارن ��ة يف لبنان‬
‫‪6‬‬

‫واليهود بعد �إقامة كيان لهم يف فل�س ��طني‪ ،‬وذلك «حلماية م�ص ��الح فرن�سا‬
‫يف املنطقة»‪.‬‬
‫�أم ��ا يف العام ‪ 1905‬فقد ت�ش ��كلت جلنة �أطلق عليها ا�س ��م «جلنة بانرمان»‬
‫ن�س ��بة اىل رئي� ��س وزراء بريطانيا وزعيم حزب الأح ��رار كامبل بانرمان‪.‬‬
‫وكان ��ت مهمتها درا�س ��ة م�س ��تقبل املنطق ��ة العربية يف حال حتل ��ل الدولة‬
‫العثمانية‪ .‬وقد �ض ��مت اللجنة يف ع�ضويتها خرباء من كافة التخ�ص�صات‬
‫من عدة دول ا�س ��تعمارية‪ .‬وقد خل�صت بتقريرها ال�صادر عام ‪� 1907‬إىل‬
‫�أن املنطق ��ة الواقعة جنوب و�ش ��رق البحر املتو�س ��ط «يقطنها �ش ��عب واحد‬
‫تتوافر له وحدة التاريخ والل�س ��ان والآم ��ال وكل مقومات التجمع والرتابط‬
‫واالحت ��اد»‪ .‬م�ض ��يف ًا ب� ��أن «دخ ��ول الو�س ��ائل الفنية احلديث ��ة وخمرتعات‬
‫الثورة ال�ص ��ناعية الأوروبية �إىل املنطقة وانت�شار التعليم والثقافة �سي�ؤدي‬
‫�إىل �إحالل ال�ض ��ربة القا�ض ��ية باالمرباطوريات اال�ستعمارية»‪ .‬وبنا ًء عليه‬
‫خل�صت اللجنة اىل جملة تو�صيات منها‪:‬‬
‫• �أو ًال‪ :‬وجوب تق�س ��يم املنطقة �إىل دول �ص ��غرية ي ��ورث بينها اخلالف‬
‫ق ��در امل�س ��تطاع‪ .‬و�أن يح ��ال بينها وبني ري ��اح العل ��م‪ ،‬و�أن تتع ّمق فيها‬
‫التجزئة بحيث ت�صبح وك�أنها ال�شيء الطبيعي‪.‬‬
‫• ثانياً‪ :‬العمل على ف�صل اجلزء الأفريقي من هذه املنطقة عن جزئها‬
‫الآ�س ��يوي‪ .‬و�أن �إقامة حاجز ب�شري قوي وغريب وعلى مقربة من قناة‬

‫ال�سوي�س ي�ش ��كل قو ًة معادي ًة ل�شعب املنطقة و�صديق ًة للدول الأوروبية‪،‬‬
‫وم�صاحلها هي التنفيذ العلمي العاجل للو�سائل املقرتحة‪.‬‬

‫فيها �شريطة ح�صول العرب على ا�ستقاللهم‪ ،‬و�إال ف�إنه غري مقيد مبا ورد‬
‫يف هذه االتفاقية‪.‬‬

‫ون�س ��تخل�ص مما �س ��بق �أن التحالف ال�ص ��هيوين الإمربيايل �سي�س ��تهدف‬
‫الوطن العربي برمته‪ .‬وب�أن فل�س ��طني هي نقطة االرتكاز لإخ�ضاع املنطقة‪.‬‬
‫وبالتايل ف�إن الت�صدي للم�ش ��روع ال�صهيوين وكيانه الغا�صب هو مهمة كل‬
‫عربي دفاع ًا عن نف�سه و�أمته‪ ،‬ولي�س فقط ن�صرة للأ�شقاء يف فل�سطني‪.‬‬

‫وم ��ن اجلدير بالذكر �أن الأمري في�ص ��ل وخالل زيارات ��ه املتكررة لأوروبا‬
‫اطل ��ع على النف ��وذ ال�سيا�س ��ي واملايل الهائ ��ل لليهود هناك‪ ،‬وه ��و ما كان‬
‫بحاج ��ة ما�س ��ة �إلي ��ه لتحقيق حلمه ب�إن�ش ��اء مملك ��ة العرب عل ��ى اجلناح‬
‫الآ�سيوي للوطن العربي‪ .‬يف حني كانت احلركة ال�صهيونية‪ ،‬ذات القدرات‬
‫الهائل ��ة‪ ،‬تفتقر �إىل �ش ��رعية الوج ��ود يف املنطقة‪ ،‬وحتتاج �إىل �ش ��خ�ص �أو‬
‫عائلة ذات ثقل معنوي ملنحها �شرعية الوجود يف املنطقة‪.‬‬

‫وكامت ��داد طبيعي ملا تق ��دم‪ ،‬جاءت اتفاقية �س ��ايك�س – بيك ��و عام ‪1916‬‬

‫لتق�س ��يم دول امل�ش ��رق العرب ��ي وتهيئ ��ة فل�س ��طني لإقامة الكي ��ان الغريب‬
‫واملع ��ادي ل�ش ��عب املنطقة‪ .‬كما �ص ��در وع ��د بلفور عام ‪ 1917‬الذي �أ�س ���س‬
‫لإقامة االنتداب الربيطاين على فل�سطني‪ ،‬وذلك لت�سهيل قدوم املهاجرين‬
‫اليهود من �أرجاء الدنيا �إىل فل�سطني‪ ،‬والقيام مبهمة تدريبهم وت�سليحهم‪.‬‬
‫ويف تل ��ك الفرتة حدث لقاء بني الأمري في�ص ��ل الأول وبني حاييم وايزمان‬
‫بالق ��رب من منطق ��ة العقبة يف الرابع من حزيران عام ‪ ،1918‬وبح�ض ��ور‬
‫الكولوني ��ل الربيط ��اين جوي� ��س الذي توىل الرتجم ��ة بينهما‪ .‬ه ��ذا اللقاء‬
‫�أثمر ع ��ن توقيع اتفاقية لندن بني الطرفني يف الثالث من كانون ثاين عام‬
‫ن�ص ��ت على �إقامة وطن لليهود يف فل�س ��طني‪ ،‬ووجوب اتخاذ‬
‫‪ ،1919‬والتي ّ‬
‫جميع االجراءات التي من �ش� ��أنها تنفيذ وع ��د احلكومة الربيطانية امل�ؤ َّرخ‬
‫يف الث ��اين من نوفمرب ‪ ،1917‬واملعروف با�س ��م «وعد بلفور»‪ .‬لكن في�ص ��ل‬
‫و�ض ��ع حتفظ ًا على ه ��ذه االتفاقية ين�ص على موافقته عل ��ى املواد الواردة‬

‫من هنا ن�ش� ��أ التفاهم بني اجلانبني‪ .‬ويقيني �أن الأمري في�ص ��ل كان يجهل‬
‫�أبعاد امل�ش ��روع ال�ص ��هيوين‪ ،‬حيث كان يعتقد ب�أن اليه ��ود يطمحون لوطن‬
‫يجمع �شتاتهم فح�سب‪ ،‬ومل يكن يف ذهنه �أن م�شروعهم ال�سيا�سي يتعار�ض‬
‫مع‪ ،‬ويلغي متام ًا‪ ،‬م�شروعه ال�سيا�سي‪.‬‬
‫وقد ا�س ��تمرت العالقات واللقاءات بني الأمري عبد اهلل �أمري �شرق الأردن‪،‬‬
‫وب�ي�ن الوكال ��ة اليهودي ��ة‪ .‬وبعد ان ��دالع الث ��ورة العربية الفل�س ��طينية عام‬
‫‪� 1936‬ض ��د اال�ستيطان اليهودي‪� ،‬أ�ص ��در امللك عبد العزيز بن �سعود ملك‬
‫ال�س ��عودية وامللك غازي ملك العراق والأمري عبد اهلل �أمري �ش ��رقي الأردن‬
‫ت�ص ��ريح ًا م�ش�ت�رك ًا يف التا�س ��ع من ت�ش ��رين �أول عام ‪ ،1936‬نا�ش ��دوا من‬
‫خالله عرب فل�س ��طني ّ‬
‫بالكف عن �أعمال العنف «وبو�ضع ثقتهم يف النوايا‬
‫‪7‬‬

‫احل�سنة لأ�صدقائنا الربيطانيني»‪.‬‬
‫وبعد انتهاء ثورة ‪ 1936‬ح�ض ��رت جلنة بريطانية لتق�ص ��ي احلقائق‪ ،‬حيث‬
‫ا�س ��تمعت �إىل �ش ��هادات جمموع ��ة م ��ن الع ��رب واليه ��ود والإجنليز حول‬
‫�أ�س ��باب الث ��ورة‪ .‬كان �أخطر تلك ال�ش ��هادات تلك التي قدّمها ال�ص ��هيوين‬
‫«جابوتن�س ��كي» الذي قال‪�« :‬أن فل�سطني التي نعني ت�ضم �ضفتي نهر الأردن‬
‫بغ�ض النظر عن قيام كيان �سيا�سي م�ؤقت هناك»‪.‬‬
‫ويف الرابع ع�ش ��ر من �أيار عام ‪ ،1937‬وخالل لقاء مبدينة لندن بني �سمري‬
‫الرفاعي ‪� -‬سكرتري احلكومة الأردنية – ودوف هوز – �أحد زعماء الوكالة‬
‫اليهودي ��ة – طرح الرفاعي فكرة حل م�ش ��كلة الهجرة اليهودية «بتوجيهها‬
‫�إىل �ش ��رقي الأردن»‪ .‬قائ ًال ب�أن الأمري عبد اهلل ي�ستطيع اقرتاح «ا�ستقبال‬
‫مائة وخم�سون �ألف مهاجر يهودي يف �شرق الأردن»‪.‬‬
‫ويف الع ��ام ‪ 1938‬اندلعت ثورة عربية جديدة يف فل�س ��طني ا�س ��تمرت حتى‬
‫مقت ��ل قائده ��ا عب ��د الرحيم احلاج حممد يف �ص ��يف ع ��ام ‪ 1939‬على يد‬
‫اجلي� ��ش الربيطاين‪ .‬وذلك بعد تلقيه معلومات ع ��ن حتركات قائد الثورة‬
‫من قبل ما �سمي (فرق ال�سالم) التي كانت تر�أ�سها عائلة عربية مقد�سية‬
‫ثرية م ّثلت جبهة معار�ضة للحاج �أمني احل�سيني‪.‬‬
‫ثم ج ��رت يف عام ‪ 1948‬بعد هزمي ��ة اجليو�ش العربية‪� ،‬سل�س ��لة مباحثات‬
‫‪8‬‬

‫�س ��رية ب�ي�ن امللك عب ��د اهلل الأول وزعام ��ات �إ�س ��رائيلية بوا�س ��طة طبيبه‬
‫اخلا�ص �شوكت ال�ساطي‪ .‬وخالل تلك املرحلة قدم الو�سيط الدويل الكونت‬
‫برنادوت م�ش ��روعه لل�سالم يف �أيلول ‪ 1948‬واملت�ض ��من قرار التق�سيم رقم‬
‫(‪ )181‬م ��ع بع�ض التعديالت الطفيف ��ة على احلدود‪ .‬وكان من �أبرز نقاط‬
‫امل�ش ��روع ه ��و البند رقم (‪ )11‬الذي ي�ؤكد على ح ��ق النا�س الأبرياء الذين‬
‫مت ت�ش ��ريدهم م ��ن بيوته ��م ب�س ��بب احل ��رب يف الع ��ودة �إىل ديارهم ودفع‬
‫التعوي�ضات ملن ال يرغب يف العودة‪.‬‬
‫وق ��د رف�ض اليهود امل�ش ��روع القرتاحه �ض ��م النق ��ب اىل الق�س ��م العربي‪،‬‬
‫وحتدي ��د الهج ��رة اليهودية‪ .‬ثم قامت ع�ص ��ابة �ش ��ترين اليهودية باغتيال‬
‫الكون ��ت برن ��ادوت يف القد� ��س يف ال�س ��ابع ع�ش ��ر م ��ن �أيلول لع ��ام ‪.1948‬‬
‫خمرتق�ي�ن بذلك ق ��رار الهدن ��ة‪� .‬إ�ض ��افة �إىل اجتياحهم ملنطقت ��ي النقب‬
‫واجلليل‪ .‬بعد ذلك �أعلن امللك عبد اهلل الأول �س ��يادته على فل�س ��طني على‬
‫الرغم من معار�ض ��ة احلاج �أمني احل�س ��يني الذي �س ��اهم بت�شكيل حكومة‬
‫عموم فل�سطني يف �أيلول عام ‪.1948‬‬
‫يف الأول م ��ن ت�ش ��رين الأول ع ��ام ‪� ،1948‬أعلن �أع�ض ��اء املجل� ��س الوطني‬
‫الفل�سطيني املنعقد يف غزة ا�ستقالل فل�سطني كلها ا�ستقال ًال تام ًا‪ ،‬و�إقامة‬
‫دول ��ة حرة دميقراطية ذات �س ��يادة‪ .‬ومت ت�ش ��كيل حكومة وطنية برئا�س ��ة‬
‫�أحمد حلمي عبد الباقي‪ .‬ويف ذات اليوم عقد يف ع ّمان اجتماع فل�س ��طيني‬
‫برئا�س ��ة ال�ش ��يخ �س ��ليمان التاجي‪ ،‬وال ��ذي ق ّرر ع ��دم �ش ��رعية القرارات‬

‫ال�صادرة عن اجتماع غزة‪.‬‬
‫تب ��ع ذلك انعقاد م�ؤمتر �أريحا يف الأول من �ش ��هر كان ��ون الأول عام ‪1948‬‬

‫برئا�س ��ة ال�ش ��يخ حممد عل ��ي اجلعربي رئي� ��س بلدية اخللي ��ل‪ .‬حيث �أعلن‬
‫امل�ؤمتر وحدة الأرا�ضي الفل�سطينية والأردنية‪ ،‬واعتبارها وحد ًة ال تتجزء‪.‬‬
‫�إ�ضافة �إىل مبايعة امللك عبد اهلل ملك ًا على فل�سطني كلها‪.‬‬

‫ويف الثاين ع�ش ��ر من كانون الأول ع ��ام ‪ ،1948‬وافق جمل�س الأمة الأردين‬
‫على طلب االحتاد‪ ،‬م ��ا �أدى �إىل تعديل الوزارة الأردنية‪ ،‬ودخول ثالثة من‬
‫�أبناء فل�س ��طني يف ع�ض ��ويتها‪ .‬وبد�أت االجراءات الر�سمية لالحتاد‪ ،‬حيث‬
‫�أجري ��ت انتخابات نيابية يف ال�ض ��فتني يف احلادي ع�ش ��ر من ني�س ��ان عام‬
‫‪ .1950‬بحيث ميثل كل �ض ��فة ع�ش ��رون نائب ًا‪ ،‬مع رفع عدد �أع�ض ��اء جمل�س‬
‫الأعيان �إىل ع�ش ��رين ع�ض ��و ًا من رجاالت ال�ضفتني‪ .‬ويف الرابع والع�شرين‬
‫من ني�سان عام ‪ 1950‬وبعد موافقة جمل�س الأمة على قرار وحدة ال�ضفتني‪،‬‬
‫�أ�صبح عرب فل�سطني يتمتعون بحقوق اجلن�سية الأردنية‪.‬‬
‫ويف تل ��ك الأثناء‪ ،‬ت�س ��لم املل ��ك عبد اهلل الأول ر�س ��الة من رئي� ��س الوزراء‬
‫الإ�سرائيلي بن غوريون نقلها طبيب امللك اخلا�ص �شوكت ال�ساطي‪� .‬أفادت‬
‫هذه الر�س ��الة ت�ش ��جيع احلكومة اال�س ��رائيلية للملك عب ��د اهلل على تنفيذ‬
‫مقررات �أريحا وب�سرعة‪ ،‬وذلك لو�ضع خ�صومه �أمام الأمر الواقع‪.‬‬

‫ويف عه ��د املل ��ك ح�س�ي�ن‪ ،‬ا�س ��تمرت اللق ��اءات م ��ع ع ��دد م ��ن القي ��ادات‬
‫الإ�س ��رائيلية يف م�س ��عى للبحث عن �إقامة �س�ل�ام يف املنطقة‪ .‬وهنا �أكتفي‬
‫بذكر العبارة التي قالها امللك ح�س�ي�ن يف كلمته التي �ألقاها �أمام االجتماع‬
‫امل�شرتك ملجل�س ��ي ال�ش ��يوخ والنواب يف الكوجنر�س الأمريكي يف ال�ساد�س‬
‫والع�ش ��رين من متوز عام ‪�« :1994‬أما جدي املل ��ك عبد اهلل ‪ ...‬كان رج ًال‬
‫م�ؤمن� � ًا بال�س�ل�ام الذي دفع حيات ��ه ثمن ًا ل ��ه‪ ،‬ولقد نذرت حيات ��ي لتحقيق‬
‫حلمه‪»...‬‬
‫�أما يف العام ‪ 1987‬ويف لقاء بني امللك ح�سني ووزير اخلارجية الإ�سرائيلي‬
‫�شمعون برييز يف لندن‪ ،‬قال امللك ح�سني ب�أنه «�إذا �أعيدت ال�ضفة الغربية‬
‫كاملة للأردن كما �أعيدت �س ��يناء كاملة مل�ص ��ر‪ ،‬ف�إنه على ا�ستعداد لتوقيع‬
‫معاهدة �س�ل�ام منفرد مع (�إ�سرائيل)‪ ،‬و�إال �سيكون م�ضطر ًا ملظلة دولية»‪.‬‬
‫حيث �أجاب الوزير الإ�س ��رائيلي ب�أن االن�س ��حاب من ال�ض ��فة الغربية غري‬
‫وارد‪.‬‬
‫وبعد هذا اللقاء �أعلن امللك ح�سني قراره بفك االرتباط القانوين والإداري‬
‫بني اململكة الأردنية الها�ش ��مية وال�ضفة الغربية يف احلادي والع�شرين من‬
‫متوز عام ‪ ،1988‬وبد�أ احلديث عن م�ؤمتر دويل لل�سالم‪.‬‬
‫�أم ��ا بخ�ص ��و�ص املتغريات الدولية والإقليمية الت ��ي قيل من خالل الإعالم‬
‫الر�سمي �أنها كانت �سبب ًا يف �إقامة التعاهد مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬ف�إن تلك‬
‫‪9‬‬

‫املتغ�ي�رات مل تكن �إال �س ��بب ًا لإزالة موانع كانت تقف �أمام �إ�ش ��هار عالقات‬
‫تفاه ��م كانت قائمة �أ�ص�ل ً�ا‪ .‬حي ��ث �أزال انهيار االحتاد ال�س ��وفياتي املانع‬
‫الدويل‪ .‬وكان �ضرب العراق وفر�ض احل�صار اجلائر عليه‪ ،‬وكذلك دخول‬
‫�س ��وريا حلب ��ة م�ؤمتر مدريد‪� ،‬إ�ض ��افة لتوقيع اتفاقية �أو�س ��لو بني ال�س ��لطة‬
‫الفل�سطينية والكيان ال�صهيوين‪ .‬حيث م ّثـل ذلك �إزالة للمانع الإقليمي‪.‬‬
‫ه ��ذا بالإ�ض ��افة �إىل جملة م ��ن الق ��رارات الداخلية الأردني ��ة مثل‪ :‬تنازل‬
‫الأردن عن ال�ض ��فة الغربية للمملكة‪ ،‬وذلك م ��ن خالل قرار فك االرتباط‬
‫القان ��وين والإداري ع ��ام ‪ 1988‬من خالل خطاب ملك ��ي‪ .‬ثم تبع ذلك بعد‬
‫حالة الهيجان ال�ش ��عبي يف حمافظات جنوب الأردن يف ني�سان عام ‪،1989‬‬
‫والإعالن عن ت�ش ��كيل جلن ��ة ملكية ل�ص ��ياغة ميثاق وطني‪ ،‬والذي �ص ��در‬

‫‪10‬‬

‫بتاريخ التا�س ��ع م ��ن حزيران ع ��ام ‪ .1991‬ثم قانون الأح ��زاب قي الثالث‬
‫والع�شرين من �آب ‪ .1992‬و�إقرار قانون ال�صوت الواحد االنتخابي‪ ،‬والذي‬
‫ج ��رت مبوجبه االنتخابات النيابية العامة عام ‪ ،1993‬ما �أدى �إىل �ض ��رب‬
‫مر�ش ��حي الأحزاب‪ ،‬وب ��روز غالبية النواب على خلفيات ع�ش ��ائرية‪ .‬الأمر‬
‫ال ��ذي �أدى �إىل �إزالة �أو �إ�ض ��عاف املان ��ع املتم ّثل بالرف�ض ال�ش ��عبي لإقامة‬
‫معاهدة �ص ��لح مع الكيان ال�ص ��هيوين‪� .‬إذ �ص ��ادقت غالبية جمل�س النواب‬
‫اجلدي ��د عل ��ى قانون «معاه ��دة ال�س�ل�ام» على الرغ ��م من تعار� ��ض بنود‬
‫عديدة يف املعاهدة مع الد�ستور الأردين‪ .‬وكان الأجدى باملجل�س رد قانون‬
‫«معاهدة ال�س�ل�ام»‪ ،‬لأن املجل�س ال يجوز له د�ستوري ًا �إقرار قوانني تتعار�ض‬
‫مع الد�ستور‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫تحليل بنود االتفاق ّية‪:‬‬
‫كيف نعرف أن المعاهدة باطلة؟‬
‫‪ 1.2‬المقدمة والمبادئ العامة‬

‫يف ق��راءة مو�ضوعي��ة لبنود اتفاقية وادي عرب��ة‪ ،‬ن�ضع جملة‬
‫من املالحظات على �أهم موادها حيث ال ي�سعفنا هذا امللخ�ص يف‬
‫تغطية جميع موادها وم�ضامينها‪.‬‬
‫‪� .1‬إن مقدمة االتفاقية تن�ص على �إقامة �سالم عادل ودائم و�شامل مبني‬
‫عل ��ى قراري جمل� ��س الأمن (‪ )242‬و(‪ )338‬ب ��كل جوانبهما‪ .‬يف حني‬
‫ال يوج ��د ن�ص يربط هذه املقدمة مب ��ا بعدها مثل «تعترب هذه املقدمة‬
‫ج ��زء ًا ال يتج ��ز�أ م ��ن بن ��ود االتفاقية»‪ .‬وب ��دون هذا الن� ��ص‪ ،‬خرجت‬
‫املعاهدة عن �إطارها املح� � َّدد بقراري جمل�س الأمن املذكورين‪ .‬وهذا‬
‫ما ج ��رى بالفعل حني اعتم ��دت حدود االنتداب الربيطاين لرت�س ��يم‬
‫احلدود بني اجلانبني‪ ،‬ولي�س قرارات جمل�س الأمن‪.‬‬
‫‪� .2‬إن م�ص ��طلح انتهاء حالة العداء الوارد يف �إعالن وا�ش ��نطن املوقع يف‬
‫متوز ‪ ،1994‬والذي جرى الت�أكيد عليه يف مقدمة املعاهدة‪� ،‬أو�س ��ع من‬
‫م�ص ��طلح «انتهاء حالة احلرب»‪ ،‬بحيث ال يقت�صر التعبري امل�ستخدم‬
‫عل ��ى املظاه ��ر الع�س ��كرية فح�س ��ب‪ ،‬ب ��ل ي�ش ��مل اجلوان ��ب النف�س ��ية‬
‫والإعالمي ��ة والثقافية‪� ،‬أي كل جوانب ال�ص ��راع �إ�ض ��افة �إىل اجلانب‬
‫الع�سكري‪.‬‬
‫‪ .3‬ن�ص ��ت امل ��ادة الأوىل من املعاه ��دة على �أن «يعترب ال�س�ل�ام قائم ًا بني‬
‫الطرفني اعتبار ًا من تبادل وثائق الت�ص ��ديق عل ��ى املعاهدة»‪� ،‬أي من‬
‫‪12‬‬

‫دون انتظار اكتمال تطبيق بنودها مثل ا�س�ت�رجاع الأرا�ض ��ي الأردنية‬
‫املحتلة‪ .‬وهذا يتفق مع مواد �أخرى من�ص ��و�ص عليها يف املعاهدة مثل‪:‬‬
‫�أن ت�س ��بق �إج ��راءات تطبيع العالقات و�إقامة ال�س�ل�ام �أي ��ة التزامات‬
‫من الطرف ال�ص ��هيوين باالن�س ��حاب و�إعادة بع� ��ض احلقوق‪� .‬إذ كان‬
‫من الأج ��دى للمفاو� ��ض الأردين تعليق �إقامة «ال�س�ل�ام» حلني �إجناز‬
‫اتفاق ��ات مماثلة على باقي م�س ��ارات التفاو�ض الأخرى‪ .‬خا�ص ��ة و�أن‬
‫الق�ضايا اجلوهرية مل تبحث بعد على امل�سار الفل�سطيني‪.‬‬
‫‪ .4‬امل ��ادة الثانية م ��ن املبادئ العام ��ة‪ .‬متثل الفقرة رق ��م (‪ )1‬من هذه‬
‫امل ��ادة اعرتاف ًا من دولة عربية بدولة (�إ�س ��رائيل) و�س ��يادتها و�أمنها‬
‫ودوره ��ا الإقليمي‪ .‬وباملقابل جاءت الفق ��رة رقم (‪ )2‬لتطمئن الأردن‬
‫م ��ن خماطر م�ش ��روع الوط ��ن البديل‪� .‬أم ��ا الفقرة رق ��م (‪ )4‬فتن�ص‬
‫على احرتام واالعرتاف ب�س ��يادة كل دول املنطقة و�سالمتها الإقليمية‬
‫وا�ستقاللها ال�سيا�سي‪ .‬لكن ذلك اقت�صر على الدول يف املنطقة‪ ،‬ومن‬
‫دون ذكر ل�ش ��عوب املنطقة وحقها يف العي�ش ب�س�ل�ام �ض ��من دول ذات‬
‫�سيادة وا�ستقالل �سيا�سي‪ ،‬وبالتايل ف�إن الن�ص الوارد يف هذه الفقرة‬
‫ال ي�ش ��مل االعرتاف بحقوق ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ومنها حقه يف تقرير‬
‫امل�صري‪.‬‬

‫‪ 2.2‬الحدود الدولية‪:‬‬
‫أين ذهبت أراضينا؟‬

‫ن�ص ��ت الفق ��رة الأوىل من هذه امل ��ادة على �أن حت َّدد احل ��دود الدولية بني‬
‫ّ‬
‫الطرف�ي�ن على �أ�س ��ا�س تعريف احلدود زمن االنت ��داب الربيطاين‪ ،‬ال على‬
‫�أ�س ��ا�س قراري جمل�س الأمن رق ��م (‪ )242‬و (‪� .)338‬أم ��ا الفقرة الثانية‬
‫أرا�ض وقعت حتت �س ��يطرة احلكم‬
‫فتن�ص على «دون امل�س ��ا�س بو�ض ��ع �أي � ٍ‬
‫الع�سكري الإ�سرائيلي عام ‪ .»1967‬وهنا ميكن ت�سجيل املالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬كان من الأف�ض ��ل الإ�ش ��ارة لتلك املناطق اخلا�ض ��عة ل�س ��يطرة احلكم‬
‫الع�سكري الإ�سرائيلي بعبارة (الأرا�ضي املحتلة)‪.‬‬
‫‪� .2‬إن مدينة القد�س لي�س ��ت خا�ض ��عة لل�س ��يطرة الع�س ��كرية‪ ،‬بل تخ�ضع‬
‫لإدارة مدنية؛ وهذا يفتح املجال م�س ��تقب ًال �أمام املفاو�ض الإ�سرائيلي‬
‫للمراوغ ��ة فيما يتعلق مبدينة القد�س عند البدء مبفاو�ض ��ات الو�ض ��ع‬
‫النهائي مع ال�سلطة الفل�سطينية‪.‬‬
‫‪� .3‬إن عدم الإ�ش ��ارة يف هذه الن�صو�ص �إىل �ش ��مول تلك املناطق بقراري‬
‫جمل�س الأمن الدويل رقم (‪ )242‬و (‪ ،)338‬ميثل نقل ق�ضية ال�صراع‬
‫العربي – ال�صهيوين من نطاقها الدويل �إىل نطاق ثنائي‪.‬‬
‫‪� .4‬إن اعتماد حدود االنتداب الربيطاين يف ر�س ��م احلدود بني الطرفني‬
‫ولي�س على قراري جمل�س الأم ��ن‪ ،‬اللذان تدعي املعاهدة يف مقدمتها‬
‫اال�ستناد �إليهما‪ ،‬ميثل خروج ًا عن املرجعية ال�شرعية للمعاهدة‪.‬‬
‫كذلك ف�إن ال�ضفة الغربية التي احتلت عام ‪ ،1967‬تعترب جزء ًا من اململكة‬
‫‪14‬‬

‫الأردنية الها�ش ��مية بعد م�ص ��ادقة جمل�س النواب الأردين على قرار وحدة‬
‫ال�ضفتني يف ني�سان عام ‪ .1950‬ولقد اعرتفت بريطانيا بهذا االحتاد‪ ،‬كما‬
‫اعتربت �أن معاهدة التحالف املربمة بينها وبني الأردن �س ��ارية على جميع‬
‫�أرا�ض ��ي اململكة الأردنية الها�ش ��مية مبا فيها مدينة القد�س‪ .‬وبالتايل ف�إن‬
‫ال�ض ��فة الغربية تعترب قانوني ًا جزء ًا ال يتجز�أ من الأرا�ض ��ي الأردنية‪ .‬و�أن‬
‫التن ��ازل عنه ��ا مبوجب معاه ��دة وادي عربة يعترب �أمر ًا خمالف ًا للد�س ��تور‬
‫الأردين ال ��ذي ين�ص يف مادته الأوىل على �أن «اململكة الأردنية الها�ش ��مية‬
‫دولة عربية م�س ��تقلة ذات �س ��يادة ملكها ال يتجز�أ وال ينزل عن �شيء منه‪،‬‬
‫وال�ش ��عب الأردين جزء من الأمة العربية ونظ ��ام احلكم فيها نيابي ملكي‬
‫وراثي»‪.‬‬
‫وقد كانت حجة احلكومة الأردنية يف ذلك هي قرار فك االرتباط القانوين‬
‫والإداري الذي �أ�صدره امللك ح�سني من خالل خطاب �ألقاه بتاريخ احلادي‬
‫والثالثني من متوز عام ‪ ،1988‬والذي هو خطاب �سيا�س ��ي ال غري‪ .‬لذا‪ ،‬ال‬
‫يجوز اعتباره مبثابة قانون �أو �أن ترتتب عليه �آثار قانونية‪.‬‬
‫�أما قرار حمكمة العدل العليا القائل ب�س ��يادية ق ��رار فك االرتباط ‪ -‬على‬
‫اعتبار �أن امللك ميتلك �صفة ال�سيادة – فهو خمالف للد�ستور‪ ،‬وكان يجب‬
‫عل ��ى املحكمة التعام ��ل معه وك�أنه مل يك ��ن‪ .‬وذلك لأنها ملزم ��ة بالقوانني‬
‫املن�ش ��ورة باجلريدة الر�س ��مية للمملكة الأردنية الها�ش ��مية طبق� � ًا للمادة‬
‫(‪ )93‬من الد�س ��تور‪ .‬يف حني �أن قرار فك االرتباط مل ين�ش ��ر يف اجلريدة‬

‫الر�سمية‪ ،‬وبالتايل ف�إن قرار فك االرتباط غري د�ستوري‪.‬‬
‫‪� .5‬إن �أرا�ض ��ي منطقة �أم الر�شرا�ش الأردنية جزء ال يتجز�أ من الأرا�ضي‬
‫الأردنية مبوجب حدود االنتداب الربيطاين التي قيل �أنها اعتمدت يف‬
‫تر�س ��يم احلدود بني الأردن والكيان ال�ص ��هيوين‪ .‬هذه الأرا�ضي التي‬
‫احتلتها القوات الإ�س ��رائيلية يف العا�ش ��ر م ��ن �آذار عام ‪ ،1949‬وذلك‬
‫�أثناء مفاو�ضات الهدنة يف م�ؤمتر «رود�س» والتي انتهت يف الثالث من‬
‫ني�س ��ان عام ‪ ،1949‬و�أُن�ش ��ئت عليها ميناء �إيالت على البحر الأحمر‪.‬‬
‫حينها‪ ،‬احتج الأردن على هذا االحتالل مبذكرة �أر�س ��لها �إىل الدكتور‬
‫(رالف بان�ش) و�س ��يط الأمم املتحدة‪ .‬والذي �أجرى بدوره حتقيق ًا يف‬
‫الق�ضية‪ ،‬وقدم تقرير ًا �إىل جمل�س الأمن جاء فيه �أن «القوات الأردنية‬
‫كانت تقوم ب�أعمال دورية يف تلك املنطقة بكل �س ��هولة وي�س ��ر‪ ،‬وكانت‬
‫حتتف ��ظ مبواق ��ع حمددة وثابت ��ة»‪ .‬وهنا يح ��ق لنا الت�س ��ا�ؤل كيف يتم‬
‫تر�س ��يم احلدود يف خليج العقبة كما هو وارد يف املعاهدة ويف اتفاقية‬
‫احل ��دود البحري ��ة‪ ،‬ثم يقال با�س ��تعادة ال�س ��يادة على كام ��ل الرتاب‬
‫الوطن ��ي الأردين؟ �إ�ض ��افة �إىل �أن �أرا�ض ��ي �أم الر�ش ��را�ش (�إي�ل�ات)‬
‫التي مت التنازل عنها متتاز ب�أهمية ا�س�ت�راتيجية كبرية من حيث ربط‬
‫امل�ش ��رق العربي باملغرب العربي بر ًا‪ ،‬وجتعل من البحر الأحمر بحرية‬
‫عربية‪.‬‬
‫‪ .6‬امللح ��ق (‪/1‬ب) املتعلق مبنطق ��ة الباقورة (التي �أعيد منها ب�س ��يادة‬

‫منقو�ص ��ة ‪ 830‬دومن ًا من �أ�ص ��ل ‪ 6000‬دومن)‪ ،‬وامللحق (‪/1‬ج) املتعلق‬
‫مبنطق ��ة الغمر‪ ،‬وهما �أ�س ��و�أ م ��ا يف هذه االتفاقية‪� ،‬إذ يك�ش ��فان مدى‬
‫الإجح ��اف الذي حلق بالأردن وماهية ال�س ��يادة التي ا�س ��تعادها على‬
‫تلك الأرا�ض ��ي‪ .‬حيث �أفرزت املعاهدة م�ص ��طلحات �سيا�س ��ية جديدة‬
‫خمالف ��ة للمفاهي ��م فيم ��ا يتعلق بحقوق ال�س ��يادة ب�ش ��كل يف� � ّرغ تلك‬
‫املفاهي ��م م ��ن حمتواه ��ا‪ .‬فالدولة تعت�ب�ر كاملة ال�س ��يادة مبقت�ض ��ى‬
‫القان ��ون ال ��دويل �إذا كان ��ت تتمتع مبمار�س ��ة كافة مظاهر �س ��يادتها‬
‫عل ��ى �إقليمها‪ .‬و�أن الدولة ناق�ص ��ة ال�س ��يادة هي املقيدة يف ممار�س ��ة‬
‫ه ��ذه ال�س ��يادة �أو حمرومة من ممار�س ��اتها‪ ،‬بحيث ال يج ��وز االدعاء‬
‫بال�س ��يادة لدولة ال ت�س ��تطيع تنفي ��ذ قوانيها على جزء من �أرا�ض ��يها‪.‬‬
‫وهذه القوانني يخ�ضع لها الأ�شخا�ص املوجودين داخل حدود �إقليمها‪.‬‬
‫يف ح�ي�ن يتعه ��د الأردن مبوج ��ب البند الث ��اين م ��ن كال امللحقني ب�أن‬
‫مينح‪ ،‬ودون ا�س ��تيفاء ر�س ��وم حرية غري مقيدة مل�ستعملي ‪ /‬مت�صريف‬
‫الأر�ض �أو �ض ��يوفهم �أو م�س ��تخدميهم بالدخول �إليها �أو اخلروج منها‬
‫وا�س ��تعمالها واحلركة �ضمن حدودها‪ .‬وذلك من دون حتديد من هم‬
‫ال�ضيوف �أو امل�ستخدمني وما هو عددهم وما مدة ال�ضيافة امل�سموحة‪.‬‬
‫كما يتعه ��د الأردن من خالل هذين امللحقني بعدم تطبيق ت�ش ��ريعاته‬
‫اجلمركية �أو املتعلقة بالهجرة على م�س ��تعملي ‪ /‬مت�ص ��ريف الأر�ض �أو‬
‫�ض ��يوفهم �أو م�س ��تخدميهم‪ .‬كما يتعهد بعدم فر�ض �ضرائب متييزية‬
‫�أو ر�س ��وم على الأر�ض �أو الأن�ش ��طة �ضمنها‪ .‬كما يتعهد بدخول �ضباط‬
‫‪15‬‬

‫ال�شرطة الإ�سرائيلية بلبا�سهم الر�سمي ح�سب البند (هـ) من الفقرة‬
‫الثالثة من كال امللحقني‪ ،‬وب�أ�س ��لحتهم ح�س ��ب البند (ب) من الفقرة‬
‫الثالث ��ة م ��ن كال امللحق�ي�ن‪ .‬كما يتعه ��د الأردن بعدم تطبي ��ق قوانينه‬
‫اجلنائية على الأن�ش ��طة يف تل ��ك املناطق على �أ�ش ��خا�ص من التابعية‬
‫الإ�س ��رائيلية‪ ،‬بحيث تطبق عليها القوانني الإ�س ��رائيلية‪� .‬إ�ض ��افة �إىل‬
‫�أن القبول بفكرة الت�أجري قد ميثل �س ��ابقة ي�ستغلها الكيان ال�صهيوين‬
‫أرا�ض‬
‫لطرح فكرة ا�ستئجار مرتفعات اجلوالن �أو مزارع �شبعا‪� ،‬أو �أية � ٍ‬
‫داخل ال�ض ��فة الغربي ��ة �أو قطاع غزة يف مفاو�ض ��ات الو�ض ��ع النهائي‬
‫لهم ��ا‪ .‬وذل ��ك �إذا كانت تلك الأرا�ض ��ي متتلك �أهمية ا�س�ت�راتيجية �أو‬

‫‪16‬‬

‫مقام عليها م�س ��توطنات‪ .‬وميكن اال�س ��تطراد بالق ��ول �أن الدول متنح‬
‫�إعف ��اءات جمركية و�ض ��ريبة لبع�ض ال�ش ��ركات الأجنبي ��ة‪ ،‬وميكن �أن‬
‫ت�س ��مح ل�ش ��رطة دولة �أخرى بالدخول لأرا�ضيها يف حاالت خا�صة مثل‬
‫مكافح ��ة خط ��ف الطائرات وما �ش ��ابه ذل ��ك م ��ن دون �أن ميثل ذلك‬
‫انتقا�ص ًا من �سيادة الدولة‪ .‬وهنا �أقول �أن ذلك ال مي�س ب�سيادة الدولة‬
‫�إذا كانت هذه الإجراءات تتم طوع ًا و�ضمن قوانني الدولة نف�سها‪� .‬أما‬
‫حن يتم باتفاق دويل يحتوي على التزام وتعهد جتاه طرف �آخر‪ ،‬ف�إن‬
‫الأمر يع ّد انتقا�ص ًا من ال�سيادة‪.‬‬

‫‪ 3.2‬األمن‪ :‬كيف تحمي‬
‫المعاهدة الكيان الصهيوني‬

‫ين� ��ص البن ��د (�أ) من الفق ��رة (‪ )1‬من امل ��ادة الرابعة عل ��ى �أن الطرفني‬
‫«ي�أخ ��ذان على عاتقهما �أن ي�ؤ�س�س ��ا عالقتهما يف جم ��ال الأمن على الثقة‬
‫املتبادلة وتطوير امل�ص ��الح امل�شرتكة والتعاون‪ .‬و�أن يهدفا �إىل �إقامة بنيان‬
‫�إقليمي من امل�شاركة يف ال�سالم»‪.‬‬

‫الثاني ��ة الت ��ي تن�ص عل ��ى �أن «تعترب ال ��دول املتعاق ��دة كل اعتداء م�س ��لح‬
‫يق ��ع على �أية دولة �أو �أكرث منه ��ا‪� ،‬أو على قواتها‪ ،‬اعت ��دا ًء عليها جميع ًا‪...‬‬
‫تلت ��زم ب�أن تبادر �إىل معونة الدول ��ة �أو الدول املعتدى عليها‪ ...‬مبا يف ذلك‬
‫ا�ستخدام القوة امل�سلحة‪.»...‬‬

‫ولعل هذا ين�س ��جم مع �أهداف م�ش ��روع النظام (ال�شرق �أو�سطي) اجلديد‬
‫يف �إقام ��ة نظام �أمن ��ي �إقليمي جديد يف املنطقة‪ ،‬و�إال ف� ��إن �إقامة عالقات‬
‫�س ��لمية ال ي�س ��تدعي بال�ض ��رورة التعاون يف جمال الأمن‪ .‬وهل يتفق الأمن‬
‫الأردين و�أمن الكيان ال�صهيوين لدرجة قيام تعاون بينهما؟‬

‫�أما املادة العا�ش ��رة من معاهدة الدفاع امل�ش�ت�رك فتن� ��ص على «تتعهد كل‬
‫من الدول املتعاقدة ب�أن ال تعقد �أي اتفاق دويل يناق�ض هذه املعاهدة»‪ .‬يف‬
‫حني تن�ص املادة اخلام�سة والع�شرين من معاهدة وادي عربة على �إلزامية‬
‫التق ّيد بها يف حال تعار�ضها مع �أي التزام �سابق‪.‬‬

‫�أم ��ا البن ��د (ج) من الفقرة (‪ )2‬م ��ن املادة الرابعة فين� ��ص على «وجوب‬
‫اتخ ��اذ �إجراءات �ض ��رورية وفعالة للت�أك ��د من �أن الأعم ��ال �أو التهديدات‬
‫بالع ��داء �أو املع ��اداة �أو التخري ��ب �أو العنف ال يرتكب من �أرا�ض ��يها �أو من‬
‫خالل �أو من فوق �أرا�ضيها‪»...‬‬

‫وال�س� ��ؤال املط ��روح هنا‪ :‬ما موق ��ف الأردن فيما لو تعر�ض ��ت �إحدى الدول‬
‫العربي ��ة لع ��دوان �إ�س ��رائيلي؟ مع مالحظ ��ة �أن هذا البن ��د ال يقيد الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين يف �أي حترك ع�سكري �ض ��د �أي بلد عربي‪ ،‬ولكنه يقيد الأردن‬
‫يف حتالفات ��ه العربي ��ة‪ ،‬ويف �إمكانية دعمه لأي بلد عرب ��ي يتعر�ض لعدوان‬
‫�إ�س ��رائيلي‪ .‬وه ��ذا ما يخال ��ف املادة الأوىل م ��ن الد�س ��تور الأردين‪ ،‬والتي‬
‫تن�ص على �أن ال�شعب الأردين جزء من الأمة العربية‪ .‬يف حني تن�ص املادة‬
‫(‪ )25‬م ��ن معاهدة وادي عربة على �إلزامية التقيد بها يف حال تعار�ض ��ها‬
‫مع �أي التزام �سابق‪.‬‬

‫نالحظ من خالل الن�ص ال�س ��ابق �أن الأردن �س ��يحافظ عل ��ى �أمن الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين من �أي ��ة تهديدات م ��ن �أي قطر عربي جم ��اور �أو غري عربي‪،‬‬
‫�أو حتى �أية جهة قد تعادي الكيان ال�ص ��هيوين‪ .‬و�أن ما تقدّم‪� ،‬إ�ض ��افة اىل‬
‫فق ��رات وبن ��ود �أخ ��رى يف هذه امل ��ادة‪ ،‬يعني من ��ع الأردن م ��ن الدخول يف‬
‫حتالف ��ات عربية‪ ،‬وهذا م ��ا يتعار�ض مع بنود �أ�سا�س ��ية يف معاهدة الدفاع‬
‫امل�ش�ت�رك والتعاون االقت�ص ��ادي بني دول اجلامعة العربية‪ ،‬خا�ص ��ة املادة‬
‫‪18‬‬

‫�أم ��ا البند (ب) م ��ن الفقرة الرابعة‪ ،‬فيمنع طريف املعاهدة من «ال�س ��ماح‬
‫بدخول �أو �إقامة �أو عمل قوى ع�سكرية �أو ع�سكريني �أو معدات تعود لطرف‬

‫ثالث على �أرا�ضيها �أو من خاللها يف �أحوال ميكن �أن تخل ب�سالمة الطرف‬
‫الآخر»‪.‬‬
‫وين�ص البند (ب) من الفقرة اخلام�س ��ة على �أنه «دون امل�سا�س باحلريات‬
‫الأ�سا�سية بالتعبري عن الر�أي وبالتنظيم‪ ،‬اتخاذ �إجراءات �ضرورية وفعالة‬
‫ملن ��ع دخول ووج ��ود وعمل �أي منظم ��ة �أو جمموعة �أو بنيتها الأ�سا�س ��ية يف‬
‫�أرا�ض ��يها �إذا كانت تهدد �أمن الطرف الآخر با�س ��تعمال و�س ��ائل العنف �أو‬
‫التحري�ض على ا�ستعمال و�سائله»‪.‬‬
‫وهنا ال يكفي �أن مينع الأردن �أية منظمة �أو جمموعة من ا�س ��تعمال العنف‬
‫�ض ��د الكيان ال�ص ��هيوين‪ ،‬بل مينع �أي�ض� � ًا التحري�ض عل ا�ستعمال و�سائله‪،‬‬
‫وه ��ذا ما قد يط ��ال البيانات احلزبي ��ة والنقابية واملقاالت ال�ص ��حفية‪� ،‬أو‬
‫حتى خطب امل�ساجد‪.‬‬

‫و�إن ما ورد يف الفقرة الرابعة واخلام�س ��ة من امل ��ادة الرابعة يق ّيد احلرية‬
‫ال�سيا�سية والأمنية والدفاعية الأردنية‪ ،‬ويخ�ضعها ملبد�أ التعاون مع الكيان‬
‫ال�صهيوين يف جمال الأمن‪.‬‬
‫وم ��ن اجلدير بالذكر �أن الفقرة (‪ )2‬التي تن�ص على «ال مت�س االلتزامات‬
‫املن�ص ��و�ص عليه ��ا يف ه ��ذه املادة باحل ��ق الطبيعي يف الدف ��اع عن النف�س‬
‫مبوج ��ب ميثاق الأمم املتحدة»‪ .‬والبن ��د (ب) من الفقرة (‪ )5‬الذي ين�ص‬
‫على «دون امل�سا�س باحلريات الأ�سا�سية بالتعبري عن الر�أي وبالتنظيم‪.»...‬‬
‫والبن ��د (ب) من الفقرة (‪ )7‬الذي ين�ص عل ��ى «�إيجاد منطقة خالية من‬
‫�أ�س ��لحة الدمار ال�شامل‪� ،‬س ��واء منها التقليدية �أو غري التقليدية يف ال�شرق‬
‫الأو�سط‪.»...‬‬
‫هذه الن�ص ��و�ص تدفع للتخمني ب�أنها و�ضع املفاو�ض الأردين‪ ،‬يف حني تبدو‬
‫باقي الن�صو�ص يف املادة الرابعة يف �صالح الكيان ال�صهيوين‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫‪ 4.2‬مساهمة المعاهدة‬
‫في اإلفقار المائي‬

‫ميثل مو�ض ��وع املياه عنوان ًا رئي�س ًا يف معاهدة وادي عربة‪ ،‬وحمور ًا �أ�سا�سي ًا‬
‫ي�ستند �إليه م�ؤيدو املعاهدة‪ ،‬والذين ي�ؤكدون على �أن الأردن ا�ستعاد ن�صيبه‬
‫ال�ش ��رعي من مياه نه ��ري الأردن والريموك‪ .‬وقبل التط ��رق �إىل ما ورد يف‬
‫امل ��ادة ال�ساد�س ��ة اخلا�ص ��ة باملياه وامللحق رق ��م (‪ )2‬املتعل ��ق بها البد من‬
‫الإ�شارة �إىل ما يلي‪:‬‬
‫‪� .1‬إن ‪ %97‬من حو�ض نهر الأردن يقع يف كل من �سوريا والأردن ولبنان‪،‬‬
‫و ‪ %3‬فقط يف الأرا�ض ��ي العربية املحتلة‪ .‬ويبلغ طوله حوايل ‪ 360‬كم‪.‬‬
‫كم ��ا �أن ‪ %70‬من التغذية املائية حلو�ض نه ��ر الأردن ت�أتي من البالد‬
‫العربي ��ة‪ ،‬و‪ %30‬من تغذيته ت�أتي من الأرا�ض ��ي العربي ��ة املحتلة‪� .‬أما‬
‫نهر الريموك والبالغ طوله ‪ 40‬كم فيقع ‪ %100‬من حو�ض ��ه يف �س ��وريا‬
‫والأردن (‪ %80‬يف �س ��وريا و ‪ %20‬يف الأردن)‪ .‬وي�ص ��ب يف نهر الأردن‬
‫جن ��وب بحرية طربي ��ا بحوايل ‪ 10‬ك ��م ويعترب �أكرب و�أه ��م روافد نهر‬
‫الأردن‪.‬‬
‫‪ .2‬لي�س للكيان ال�صهيوين �أي حق �سيا�سي يف حتويل جمرى نهر الأردن‪.‬‬
‫كم ��ا لي�س له ح ��ق قانوين يف ذلك‪� .‬إذ ين�ص القان ��ون الدويل على �أنه‬
‫«ال يح ��ق لأي دولة من الدول امل�ش�ت�ركة يف جمرى نهر واحد �أن حت ّول‬
‫جم ��رى هذا النهر مبا ي�ؤدي �إىل الإ�ض ��رار بالدول الأخرى امل�ش�ت�ركة‬
‫في ��ه‪ ،‬لأن ح ��ق �أي دول ��ة يف النهر ال ��ذي يج ��ري يف �أرا�ض ��يها وتكون‬
‫م�ش�ت�ركة معها في ��ه دول �أخرى لي�س حق ًا مطلق� � ًا»‪ .‬وهناك معاهدات‬
‫‪22‬‬

‫دولي ��ة عديدة تن�ص على هذا املبد�أ القانوين ن�ص� � ًا �ص ��ريح ًا ال يقبل‬
‫اجلدل‪ ،‬بحيث �أ�صبح مبد�أً دولي ًا ثابت ًا تعمل مبقت�ضاه الدول‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ معاه ��دة فونتنبلو املوقعة يف ‪� 9‬ش ��باط ‪ 1785‬ب�ي�ن �أملانيا وهولندا‬‫التي تنظم اال�ستعمال امل�شرتك للأنهار امل�شرتكة‪.‬‬
‫ معاه ��دة ماي�س�ت�رخت‪ /‬املوقع ��ة يف ‪� 7‬آب ‪ 1843‬ب�ي�ن بلجي ��كا‬‫ولوك�س ��مبورغ‪ ،‬والتي ن�ص ��ت على �أن ��ه ال يحق لأي م ��ن الطرفني‬
‫الت�صرف يف مياه الأنهار امل�شرتكة بينهما �إال بعد اتفاق م�سبق‪.‬‬
‫ االتفاقي ��ة املعقودة بني اململكة املتح ��دة و�إيطاليا املوقعة يف روما‬‫بتاري ��خ ‪ 51‬ني�س ��ان ‪ ،1981‬والتي تعهدت �إيطالي ��ا مبوجبها بعدم‬
‫بناء �أية �إن�ش ��اءات على نهر «عطربة» من �ش�أنها �أن ت�ؤثر يف كمية‬
‫تدفق مياه هذا النهر �إىل نهر النيل‪.‬‬
‫‪ .3‬عق ��د �أول م�ؤمت ��ر قم ��ة عرب ��ي يف العام ‪ 1964‬ب�س ��بب حتوي ��ل الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين ملج ��رى نه ��ر الأردن و�س ��رقة مياه ��ه‪ .‬وبالت ��ايل كان من‬
‫الأجدى بحث م�س�ألة دفع تعوي�ضات للأردن مقابل املياه امل�سروقة عرب‬
‫ال�س ��نني �إذا �س ��لمنا ب�أن املعاهدة ميكن �أن تعيد للأردن حقوقه املائية‬
‫من نهري الأردن والريموك ووادي عربة‪.‬‬
‫تن� ��ص الفق ��رة (‪ )1‬من املادة ال�ساد�س ��ة عل ��ى �أن «يتفق الطرفان ب�ش ��كل‬
‫متبادل باالعرتاف بتخ�صي�ص ��ات عادلة لكل منهما‪ ،‬وذلك من مياه نهري‬

‫الأردن والريموك‪ ،‬ومن املياه اجلوفية لوادي عربة‪.»...‬‬
‫وهنا ميكن مالحظة �أن املعاهدة مل حتدد �أ�س�س ومعايري وا�ضحة القت�سام‬
‫املياه‪ ،‬و�إمنا اقت�ص ��رت على عبارة تخ�صي�ص ��ات عادل ��ة‪ ،‬ما يعني موافقة‬
‫الأردن على انتقا�ص حقوقه املائية‪ .‬كما �أن اعرتاف الأردن بتلك احل�ص�ص‬
‫يعترب تكري�س� � ًا قانوني ًا لال�ستالب ال�صهيوين للحقوق املائية الأردنية‪ .‬و�أن‬
‫ا�س ��تناد توزيع احل�ص ���ص على املب ��ادئ املتفق عليها ب�ي�ن الطرفني‪ .‬يعني‬
‫�أنه ��ا ال تقوم على املواثي ��ق الدولية التي تنظم حقوق تقا�س ��م مياه الأنهار‬
‫والأحوا�ض املائية امل�شرتكة‪.‬‬
‫ولالخت�ص���ار ميك���ن �إجمال �أهم املالحظ���ات فيما يتعل���ق مبو�ضوع املياه‬
‫مبا يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬عدم وجود معايري وا�ض ��حة القت�س ��ام مياه حو�ض نهر الأردن‪ .‬كذلك‬
‫ع ��دم حتديد كمية املي ��اه الإجمالية لهذا احلو�ض وح�ص ��ة كل طرف‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ .2‬تعامل ��ت املعاهدة مع احتجاز الكيان ال�ص ��هيوين ملي ��اه نهر الأردن يف‬
‫بحرية طربيا واال�س ��تئثار بها كاملة كحال ��ة طبيعية و�أمر ًا واقع ًا‪ ،‬مما‬
‫يعني �إ�سقاط الأردن حلقه يف مياه هذا النهر‪.‬‬

‫كحق ثابت وح�ص ��ة عادلة له‪ .‬حيث تب ��د�أ الفقرة (‪ )1‬من املادة (‪)1‬‬
‫م ��ن امللحق رقم (‪ )2‬بتحديد ح�ص ��ة الكيان ال�ص ��هيوين يف مياه نهر‬
‫الريم ��وك‪ ،‬و�أن ح�ص ��ة الأردن ت�أت ��ي بعد ا�س ��تيفاء الكيان ال�ص ��يوين‬
‫حل�ص�صه املقررة‪.‬‬
‫�أم ��ا املادة الرابع ��ة من امللحق رقم (‪ )2‬اخلا�ص باملي ��اه اجلوفية يف وادي‬
‫عرب ��ة‪ ،‬فتن�ص عل ��ى �أن الآبار التي حفرها وا�س ��تغلها الكيان ال�ص ��هيوين‬
‫و�أنظمته ��ا املرافق ��ة التي تقع عل ��ى اجلانب الأردين من احلدود‪ ،‬تخ�ض ��ع‬
‫لل�سيادة الأردنية وي�ستمر الكيان ال�صهيوين با�ستعمال هذه الآبار‪ ،‬وكذلك‬
‫ا�س ��تبدال �أي بئر قد يف�ش ��ل منه ��ا‪ .‬ويتم ربط �أي بئر جدي ��د ب�أنظمة املياه‬
‫والكهرباء الإ�س ��رائيلية‪ .‬ويلتزم الأردن ب�أن ال يتخذ �أية �إجراءات قد ت�ؤدي‬
‫�إىل تقليل �إنتاج هذه الآبار �أو قد ي�ؤثر على نوعية مياهها‪.‬‬
‫هنا نالحظ �أنه بالرغم من �إخ�ض ��اع كل الآبار لل�س ��يادة الأردنية‪� ،‬إال �أنها‬
‫�س ��يادة �صورية‪ .‬واحلقيقة هي �أن ال�سيادة الأردنية مبتورة عن هذه الآبار‪.‬‬
‫�إ�ض ��افة �إىل ن� ��ص املعاهدة على منح الكيان ال�ص ��هيوين احل ��ق يف زيادة‬
‫ال�ض ��خ من هذه الآبار مبقدار (‪ )10‬مليون مرت مكعب �س ��نوي ًا عن الكمية‬
‫احلالية التي ال يعلم الأردن عنها �شيئ ًا‪.‬‬

‫‪ .3‬ال تث ّب ��ت املعاه ��دة ل�ل��أردن كمية �أو ن�س ��بة حمددة من نه ��ر الريموك‬
‫‪23‬‬

‫‪ 5.2‬كيف تم إغفال حق‬
‫عودة الالجئين والنازحين‬

‫ن�ص ��ت الفقرة الأوىل على �أنه «اعرتاف ًا بامل�ش ��اكل الإن�سانية الكبرية التي‬
‫ت�سببها النزاع يف ال�شرق الأو�سط بالن�سبة للطرفني‪ ،‬ف�إنهما �سي�سعيان �إىل‬
‫حتقيق مزيد من التخفيف من حدة امل�شاكل الناجمة على �صعيد ثنائي»‪.‬‬
‫وهنا يالحظ احتواء هذا الن�ص على جملة من املغالطات‪� ،‬إذ �أن ا�ستخدام‬
‫تعب�ي�ر «نزاع» ال ي�ص ��ف طبيعة العالقات العربية – ال�ص ��هيونية ب�ص ��ورة‬
‫حقيقي ��ة‪ .‬فالن ��زاع قد ينجم ب�س ��بب ق�ض ��ية حم ��دودة ب�ي�ن دول تربطهما‬
‫عالق ��ات ودي ��ة وم�ص ��الح م�ش�ت�ركة‪� .‬أم ��ا العالق ��ات العربية م ��ع الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين‪ ،‬والت ��ي �أدت �إىل ظه ��ور م�ش ��كلة الالجئ�ي�ن والنازحني‪ ،‬فهي‬
‫عالقة �صراع ولي�س نزاع‪ .‬كما �أن الن�ص ال�سابق ُيظهر وك�أن هناك م�شاكل‬
‫�إن�سانية مماثلة لدى الطرف ال�صهيوين‪� ،‬إ�ضافة �إىل دعوة الن�ص ال�سابق‬
‫لل�سعي لتخفيف حدة امل�شاكل الإن�سانية ولي�س حلها و�إنهاء املعاناة القائمة‬
‫ب�سببها‪ .‬كما �أن التخفيف ال يعني احلل النهائي‪.‬‬
‫ون�ص ��ت الفقرة الثانية على �أن الطرفان �سي�س ��عيا لت�س ��وية تلك امل�ش ��اكل‬
‫ّ‬
‫الإن�س ��انية يف املحافل واملنابر املنا�سبة مبقت�ض ��ى �أحكام القانون الدويل‪.‬‬
‫ويالح ��ظ هنا ا�س ��تبعاد ذكر ق ��رارات الأمم املتحدة اخلا�ص ��ة مبو�ض ��وع‬
‫الالجئ�ي�ن‪� .‬أما البند (ج) من هذه الفقرة فين�ص على «‪ ...‬تطبيق برامج‬
‫الأمم املتح ��دة املتف ��ق عليه ��ا وغريها م ��ن الربامح االقت�ص ��ادية الدولية‬
‫املتعلقة بالالجئني والنازحني‪ ،‬مبا ذلك امل�ساعدة على توطينهم»‪.‬‬
‫وقبل حتليل الن�ص ��و�ص ال�س ��ابقة ال بد من التطرق لقرار اجلميعة العامة‬
‫‪26‬‬

‫للأمم املتحدة رقم (‪ )194‬الفقرة (‪ )11‬ال�ص ��ادر بتاريخ ‪ 11‬كانون الأول‬
‫ع ��ام ‪ 1948‬الذي ي�ؤك ��د على حق الالجئ�ي�ن يف الع ��ودة �إىل ديارهم ودفع‬
‫تعوي�ض ��ات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة اىل ديارهم‪ ،‬وعن كل‬
‫مفقود �أو م�صاب ب�ضرر‪ ،‬والذي ي�ستند عليه قرار اجلمعية العامة (‪)273‬‬
‫تاريخ ‪� 11‬أيار عام ‪ 1949‬بخ�ص ��و�ص قبول ع�ض ��وية الكيان ال�ص ��هيوين يف‬
‫منظمة الأمم املتحدة‪ .‬وقرار جمل�س الأمن الدويل رقم (‪ )237‬بتاريخ ‪14‬‬
‫حزيران عام ‪ ،1967‬والذي ين�ص على حق العودة للنازحني و�ض ��م ق�ض ��ية‬
‫النازحني �إىل ملف الالجئني‪ .‬يف حني ي�سعى الكيان ال�صهيوين �إىل �إحالل‬
‫الإطار التفاو�ضي كمرجيعة بديلة‪.‬‬
‫وميكن �إجمال �أهم املالحظات على ن�ص املادة الثامنة مبا يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تخلو املادة من �أية �إ�ش ��ارة �إىل الق ��رارات الدولية املتعلقة بالالجئني‪،‬‬
‫وخلوها من الإ�شارة �إىل حق الالجئني بالعودة �إىل ديارهم‪.‬‬
‫‪ .2‬ت�ض ��ع امل ��ادة م�ش ��كلة الالجئني يف �س ��ياق �إن�س ��اين ولي� ��س يف بعديها‬
‫ال�سيا�سي والقانوين‪.‬‬
‫‪� .3‬إحال ��ة ح ��ل تل ��ك امل�ش ��كلة اىل �أط ��ر ف�ضفا�ض ��ة ومتع ��ددة الأطراف‬
‫بخ�صو�ص الالجئني‪ ،‬وجلنة رباعية بخ�صو�ص النازحني‪.‬‬
‫‪ .4‬الإ�ش ��ارة �إىل التوطني كح ��ل حمتمل‪ ،‬بل يكاد �أن يك ��ون احلل الوحيد‬
‫املن�صو�ص عليه يف هذه املعاهدة‪ .‬وهي �أول وثيقة �سيا�سية عربية تقر‬
‫بالتوطني كحل مل�ش ��كلة الالجئ�ي�ن‪ ،‬و�أول تعاقد ب�ص ��فة قانونية دولية‬
‫ين�ص على توطني الالجئني الفل�سطينيني‪.‬‬

‫‪ 6.2‬االلتفاف على القدس‬

‫ن�ص ��ت املادة التا�سعة يف فقرتها الأوىل على منح كل طرف حرية الو�صول‬
‫ّ‬
‫ن�ص ��ت‬
‫للأماك ��ن ذات الأهمية الديني ��ة والتاريخية للطرف الآخر‪ .‬بينما ّ‬
‫الفق ��رة الثاني ��ة منها عل ��ى «‪ ...‬حترتم �إ�س ��رائيل الدور احل ��ايل اخلا�ص‬
‫للمملكة الأردنية الها�ش ��مية يف الأماكن الإ�س�ل�امية املقد�س ��ة يف القد�س‪.‬‬
‫وعند انعقاد مفاو�ض ��ات الو�ض ��ع النهائي �ستعطي ا�س ��رائيل �أولوية كربى‬
‫للدور الأردين التاريخي يف هذه الأماكن»‪.‬‬
‫مي ّث ��ل الن� ��ص ال�س ��ابق التفاف ًا عل ��ى اتفاقي ��ة �أو�س ��لو املوقعة ب�ي�ن الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين وال�س ��لطة الفل�سطينية التي ن�ص ��ت على ترك مو�ضوع القد�س‬
‫وت�أجيل البحث فيه للمرحلة النهائية‪� .‬إذ �س ��عى الكيان ال�صهيوين باتفاقه‬
‫هذا مع الأردن لالقرتاب كثري ًا من تقرير م�صري مدينة القد�س من جانب‬
‫واحد‪ .‬كما �أن ن�ص هذه الفقرة يقر �ض ��من ًا بال�س ��يادة للكيان ال�ص ��هيوين‬
‫على مدينة القد�س مقابل الإ�شراف الأردين على الأماكن الإ�سالمية فيها‪.‬‬
‫بي ��د �أن الإع�ل�ام الر�س ��مي الأردين ع ّل ��ق على ذل ��ك بالقول �أن م�س� ��ؤولية‬
‫الأوقاف واملقد�س ��ات يف مدينة القد�س حملها الها�شميون منذ عام ‪1924‬‬
‫بنا ًء على طلب احلاج �أمني احل�س ��يني‪ -‬رئي�س املجل�س الإ�سالمي الأعلى‪-‬‬
‫و�أن ه ��ذه الرعاية توا�ص ��لت حت ��ى الآن‪ ،‬و�أن قرار ف ��ك االرتباط القانوين‬

‫‪28‬‬

‫والإداري بال�ض ��فة الغربي ��ة ال�ص ��ادر عام ‪ 1988‬مل ي�ش ��مل تل ��ك الأوقاف‬
‫ن�ص �إعالن املبادئ‬
‫واملقد�سات‪ .‬و�أن تثبيت الأردن لهذه الفقرة كان ب�سبب ّ‬
‫الفل�س ��طيني – اال�س ��رائيلي عل ��ى ت�أجي ��ل البحث يف مو�ض ��وع القد�س �إىل‬
‫املرحل ��ة النهائي ��ة‪ .‬وبالتايل ف�إن تخلي الأردن ع ��ن دوره ذلك يعني انتقال‬
‫م�س�ؤولية املقد�سات الإ�سالمية �إىل وزارة الأديان الإ�سرائيلية‪ .‬و�أن الأردن‬
‫مل ��زم‪ ،‬بعد انتهاء مفاو�ض ��ات الو�ض ��ع الدائ ��م بني اجلانب الفل�س ��طيني‬
‫والكيان ال�ص ��هيوين وانتقال ال�س ��يادة على مدينة القد�س للفل�س ��طينيني‪،‬‬
‫بنقل م�س� ��ؤولية هذه الأوقاف �إىل العهدة الفل�س ��طينية‪ .‬لكن الوا�ض ��ح من‬
‫الن�ص �أعاله هو �إعطاء �أولوية للدور الأردين ميتد �إىل ما بعد مفاو�ض ��ات‬
‫الو�ضع النهائي‪.‬‬
‫ومن املفيد هنا مالحظة ان�سجام هذا الن�ص مع ما ورد يف البند رقم (‪)6‬‬
‫من اتفاقية لندن املوقعة بني الأمري في�ص ��ل بن احل�س�ي�ن وحاييم وايزمان‬
‫عام ‪ .1919‬كما يجب مالحظة ا�ستثناء الأوقاف واملقد�سات امل�سيحية من‬
‫املو�ضوع‪ ،‬يف حني �أن القد�س عربية الهوية وال حق فيها �إال للعرب‪ :‬م�سلمني‬
‫وم�سيحيني‪.‬‬

‫‪ 7.2‬التطبيع االقتصادي‬
‫والثقافي والعلمي‬

‫تن� ��ص املادة ال�س ��ابعة من املعاه ��دة على �س ��عي الطرفني جلع ��ل التعاون‬
‫االقت�ص ��ادي الثنائي جزء ًا من جممل التعاون االقت�ص ��ادي الإقليمي‪ .‬وهو‬
‫م ��ا يدخ ��ل يف �إطار عملية �إقامة نظ ��ام �إقليمي جديد‪ .‬وه ��ذا يتعار�ض مع‬
‫التزام ��ات الأردن العربي ��ة من خالل م ��ا ورد يف املادة الثاني ��ة من ميثاق‬
‫جامع ��ة ال ��دول العربي ��ة‪ ،‬والت ��ي تن�ص عل ��ى تع ��اون الأقط ��ار العربية يف‬
‫ال�ش�ؤون االقت�ص ��ادية واملالية والتبادل التجاري واجلمارك و�أمور الزراعة‬
‫وال�صناعة و�ش� ��ؤون املوا�صالت واملالحة والربق والربيد‪ .‬كما يتعار�ض مع‬
‫املادة ال�س ��ابعة من معاهدة الدفاع امل�شرتك والتعاون االقت�صادي بني دول‬
‫اجلامعة العربية‪.‬‬
‫�أم ��ا �أخطر م ��ا يف هذه املادة فهو الن�ص يف البن ��د (‪ )5‬من الفقرة الثانية‬
‫على التعاون يف جمال �إنهاء املقاطعات االقت�ص ��ادية املقامة �ضد �أحدهما‬
‫الآخ ��ر من قبل �أطراف ثالثة‪ .‬وهو ما يحول الأردن اىل ج�س ��ر عبور للغزو‬
‫االقت�صادي الإ�سرائيلي للعامل العربي‪.‬‬
‫ن�ص ��ت املادة العا�ش ��رة على �أنه «انطالق ًا من رغبة الطرفني يف �إزالة‬
‫كما ّ‬
‫كاف ��ة حاالت التمييز التي تراكمت عرب فرتات ال�ص ��راع‪ ،‬ف�إنهما يعرتفان‬

‫‪30‬‬

‫مبرغوبي ��ة التبادل الثقايف والعلمي يف كافة احلق ��ول‪ ،‬ويتفقان على �إقامة‬
‫عالقات ثقافية طبيعية بينهما‪.»...‬‬
‫ويالح ��ظ م ��ن خالل م ��ا �س ��بق �أن الكيان ال�ص ��هيوين ي ��ويل �أهمية كربى‬
‫للتطبي ��ع الثق ��ايف‪ ،‬ملا للثقاف ��ة من �أهمي ��ة يف احلفاظ على م ��وروث الأمة‬
‫احل�ض ��اري والقيم ��ي‪ ،‬و�إبراز �شخ�ص ��يتها املميزة ب�ي�ن الأمم ومنع حتللها‬
‫وذوبانه ��ا يف احل�ض ��ارات الأخرى‪ .‬ولأن الثقافة متثل ال�س ��ور الذي يحمي‬
‫الأمة ويحافظ على متا�س ��كها وبقائها‪ .‬كما �أن العام ��ل الثقايف يلعب دور ًا‬
‫هام ًا يف حماية الأمة من التغلغل ال�ص ��هيوين‪ ،‬ويعمل على تعبئة اجلماهري‬
‫ملقاطعة التعامل مع الكيان ال�ص ��هيوين وم�ؤ�س�س ��اته ال�سيا�س ��ية والثقافية‬
‫واالقت�ص ��ادية‪ .‬وبالتايل ف�إن جناح الغزو االقت�ص ��ادي والهيمنة ال�سيا�سية‬
‫مرهون مبدى النجاح يف الغزو والتطبيع الثقايف‪.‬‬
‫�أم ��ا اجلان ��ب املتعلق بالتع ��اون العلمي‪ ،‬فمن ال�ص ��عب تخيل قي ��ام الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين بتزوي ��د الأردن مبنجزات ��ه العلمي ��ة وخربات ��ه التكنولوجي ��ة‬
‫واملعلوماتية‪ .‬و�سيبقى كل ما ذكر حول التعاون يف املجال العلمي حرب ًا على‬
‫ورق؛ فال يعقل �أن يقوم الكيان ال�صهيوين بدعم الأردن يف �إحدى املجاالت‬
‫العلمية مبا ي�ؤدي اىل مناف�سة الأردن له يف ذلك املجال‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫االسـتـنـتـاجـات‬

‫‪31‬‬

‫و�أخ�ي�ر ًا ف�إن ما �أوردناه يف هذا امللخ�ص ميث ��ل �أهم املواد التي تقوم عليها‬
‫املحاور الأ�سا�س ��ية للمعاهدة‪ ،‬يف حني متثل باقي املواد االنتقال بالعالقات‬
‫الثنائي ��ة من حالة الع ��داء �إىل حالة التطبيع والتع ��اون يف كافة املجاالت‪.‬‬
‫ولك ��ن تبقى هناك مادة خط�ي�رة جد ًا ال يجوز جتاوزه ��ا؛ وهي املادة رقم‬
‫(‪ )25‬التي تن�ص يف فقرتها اخلام�سة على «يتعهد الطرفان بعدم الدخول‬
‫يف �أية التزامات تتعار�ض مع هذه املعاهدة»‪.‬‬
‫�أما الفقرة ال�ساد�سة منها فتن�ص على «‪ ...‬يف حالة تعار�ض بني التزامات‬
‫الطرف�ي�ن مبوج ��ب ه ��ذه املعاه ��دة و�أي م ��ن التزاماتهم ��ا االخ ��رى‪ ،‬ف�إن‬
‫االلتزامات مبوجب هذه املعاهدة �ستكون ملزمة و�ستنفذ»‪ .‬ما يعني �أولوية‬
‫هذه املعاهدة على �أية التزامات اخرى‪ .‬وهذا ما يتعار�ض مع املادة الأوىل‬
‫من الد�ستور الأردين التي تن�ص على «‪ ...‬وال�شعب الأردين جزء من الأمة‬
‫العربي ��ة»‪ .‬كما تتعار� ��ض مع التزام ��ات الأردن العربية ال ��واردة يف ميثاق‬
‫اجلامعة العربية‪ .‬وكذلك تتعار�ض مع معاهدة الدفاع امل�ش�ت�رك والتعاون‬
‫االقت�صادي بني دول اجلامعة العربية‪� ،‬إذ �أ�صبح الكيان ال�صهيوين مبوجب‬
‫هذه املادة مكت�سب ًا لو�ضعية الدولة املميزة يف عالقات الأردن الدولية‪.‬‬
‫وختام� � ًا ف�إن حماول ��ة جتميع خطوط املعاه ��دة وانعكا�س ��اتها على الأردن‬
‫تك�ش ��ف ب� ��أن الأردن مل ي�س ��تعد كام ��ل �أرا�ض ��يه املحتل ��ة‪ .‬كما �أن �س ��يادته‬
‫انتق�ص ��ت على �أرا�ض ��يه كما هو احلال يف منطقة الباق ��ورة‪� ،‬أو برتت تلك‬
‫ال�س ��يادة كما هو حا�ص ��ل يف الآب ��ار اجلوفية مبنطقة الغمر‪ .‬ومل يح�ص ��ل‬
‫‪32‬‬

‫الأردن عل ��ى كام ��ل حقوقه املائي ��ة‪ ،‬ال بل وافق ومنح �ش ��رعية قانونية على‬
‫اال�س ��تالب ال�ص ��هيوين ملي ��اه نه ��ر الأردن‪ .‬كم ��ا �أن الأردن ق ّيد �سيا�س ��اته‬
‫الأمني ��ة والدفاعي ��ة وحتالفات ��ه الإقليمية مبقت�ض ��يات ومتطلب ��ات الأمن‬
‫للكيان ال�صهيوين؛ �أي االنتقا�ص من ال�سيادة الأردنية على الأر�ض ال�شرق‬
‫�أردنية التي مل تكن حتت االحتالل‪.‬‬
‫هذا بالإ�ض ��افة خلروج الأردن من معادلة ال�صراع العربي – ال�صهيوين‪،‬‬
‫و�إ�ض ��فاء ال�ش ��رعية القانونية الدولية على االغت�صاب ال�صهيوين للأر�ض‬
‫العربية‪ .‬منهي ًا بذلك جوهر ال�ص ��راع القائم على عروبة فل�س ��طني‪ ،‬ونقل‬
‫الق�ضية من نطاقها الدويل �إىل نطاقٍ ثنائي‪ .‬كما ت�ؤ�س�س املعاهدة لعالقات‬
‫تتعدى حدود ال�صلح لت�صل �إىل درجة من التحالف الأمني واالقت�صادي‪.‬‬
‫�أما الأمر الأكرث خطورة فهو �إ�ض ��عاف البعد ال�سيا�س ��ي والقانوين لق�ضية‬
‫الالجئ�ي�ن والنازح�ي�ن‪ ،‬واعتباره ��ا جم ��رد معاناة �إن�س ��انية لي� ��س الكيان‬
‫ال�ص ��هيوين وحده امل�س� ��ؤول ع ��ن حلها‪� .‬إ�ض ��افة �إىل الن�ص عل ��ى التوطني‬
‫كحل لق�ض ��يتهم‪ .‬كما �أن تر�س ��يم احلدود بني طريف املعاهدة ي�ض ��عف من‬
‫�إمكانية قيام كيان �سيا�س ��ي ثالث م�س ��تقل بينهما من دون ارتباطه بعالقة‬
‫كونفدرالية مع الأردن‪.‬‬
‫هذا ما ت�س ��عفنا به هذه العجالة‪ ،‬ولال�ستزادة نن�صح بالرجوع اىل كتابنا‪:‬‬
‫«العالقات الأردنية – الإ�سرائيلية‪ ،‬اجلذور والآفاق»‪.‬‬
‫خالد عبد الرزاق احلبا�شنة‬

‫وادي ﻋﺮﺑﺔ‬
‫ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺑﺎﺗﺠﺎه واﺣﺪ‬

‫اﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬
‫ﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر‬
‫واﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮي‬
‫اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ‬






Download عربة…معاهدة بإتجاه واحد



عربة…معاهدة بإتجاه واحد.pdf (PDF, 1.94 MB)


Download PDF







Share this file on social networks



     





Link to this page



Permanent link

Use the permanent link to the download page to share your document on Facebook, Twitter, LinkedIn, or directly with a contact by e-Mail, Messenger, Whatsapp, Line..




Short link

Use the short link to share your document on Twitter or by text message (SMS)




HTML Code

Copy the following HTML code to share your document on a Website or Blog




QR Code to this page


QR Code link to PDF file عربة…معاهدة بإتجاه واحد.pdf






This file has been shared publicly by a user of PDF Archive.
Document ID: 0000130258.
Report illicit content